على أنني راضٍ عما صرنا إليه من الاكتفاء بمصافحة القلوب، أدام الله عليك نعمة العافية، وجعلك مصباحاً وهاجاً لبيتك الرفيع، ولا أراني فيك إلا ما أحب، يا زهرة الشباب في الوطن المحبوب، ويا أصدق شاهد على صحة ما قال قاسم أمين وهو يُهدي كتاب (المرأة الجديدة) إلى سعد زغلول
ثم ماذا؟ ثم كان العطف النبيل في منحى لقب (أمير البيان) فهل ترين هذا اللقب على سموه يستوجب الدخول في خصومات كالتي عاناها شوقي (أمير الشعراء)؟
أن لقب (أمير البيان) أضيف إلي أول مرة على سبيل السخرية في إحدى مجلات لبنان، ثم أضيف إلي مرات على سبيل الإنصاف في بعض الجرائد في مصر والعراق، فماذا ترين أن أصنع في حراسة هذا اللقب الرفيع؟
أنا أومن يا مولاتي بأنه لا يمكن لأحد أن يكون أكتب مني، إلا إذا استطاع أن يكون أصدق مني، ومن المستحيل أن يكون في الدنيا أحد أصدق مني، وهل هان الصدق حتى يكون لي فيه منافسون من أبناء الزمان؟
الصدق يحتاج إلى تضحيات عظيمة جداً، ومن تلك التضحيات ما تعرفين وما تجهلين، ولو علمت الغيب يا شقية لعرفت أن الصدق جرني إلى معاطب ومهالك لا يصبر على محرجاتها ومؤذياتها إلا من كان في مثل إيماني، وقد صبرت وصبرت حتى أتهمني الغافلون بالبلادة والجمود، لأنهم لم يعرفوا أن دنيا الأدب فيها مبادئ تروض أهلها على الترحيب بمكارة الظمأ والجوع، إن جاز القول بأن اللَه رضي لحظة واحدة بأن أحس مكارة الظمأ والجوع، ولن أموت إلا مقتولا بنعمة الترف في الطعام والشراب، فليغفر الله ما أدعية زوراً من الترحيب بكاره الظمأ والجوع، وهو الغفور التواب
وهل أنسي يا شقية أن الصدق حرمني نشوة الاستصباح بوجهك الوهاج؟
هل أنسى أن الصدق جعل لأعدائي حججاً دوامغ في مقاومة مؤلفاتي؟
الصدق في الدنيا غريب، وأنا في الدنيا غريب، والله هو المسئول عن رعاية الغرباء!
أما بعد، ثم أما بعد، فسأظل إلى الأبد عند ظنك الجميل، وسأغفر لك التطاول على من حين إلى حين لأني آخر من يتذوق تجاهل المحبوب لأقدار الحبيب
من نعم الله أن نعيش قلباً إلى قلب، لا جنباً إلى جنب، فما كان الهوى العذري إلا الروح