ينصح صاحبته الحسناء أن تضم جسمها العاري وأن تستره حتى يبقي حسنها مصوناً. فنظرة شاعرنا المهندس إلى المرأة وجمالها في هذين البيتين نظرة فنية روحية في حين أن شاعراً كإسماعيل صبري كان ينظر إلى الجمال نظرته إلى المتعة المبذولة. قال:
إن هذا الحسن كالماء الذي ... فيه للأنفس ري وشفاء
لا تذودي بعضنا عن ورده ... دون بعض واعدلي بين الظلماء
فنظرة علي محمود طه إلى الجمال أسمى وأنبل وهي على أنها نظرة شاعرية متخيلة إلا أنها واقعية مستمدة من صميم الحياة وطبائع الأشياء. أما نظرة إسماعيل صبري فهي ساذجة أو قل إنها تنافى منطق الحياة وتجافي طبائع الأشياء إن هذه المرأة التي يطلب منها إسماعيل صبري أن تجعل من حسنها مورداً لكل ظمآن ومتعة لكل إنسان وأن تعدل بين الظماء فلا تزيد في كأس هذا قطرة عما في كأس ذاك لم تخلق بعد وهي كما يصورها إسماعيل صبري ليست من بني البشر، إنما هي آلة مصنوعة توزع الطعام والشراب بالدرهم والمثقال. هذا هو التمهيد الذي قدمه الشاعر لقصته
أما الفصل الأول فهو هذا الضوء الذي نظر من خلال السحاب فرأى هذه الفتاة النائمة وقد تعري بعض جسمها ففتنه جمالها فهبط من عليائه إلى أرض حديقتها، ثم نظر فإذا هي نائمة في فراشها تحت نافذتها وهنا يمثل الضوء دوراً تاريخياً من أدوار العشق والغرام التي قام بها روميو، فيسترق الضوء الخطأ حتى يصل إلى هذه النافذة فيراها عالية فيتسلق إليها الأغصان لا يبالي بأشواكها حتى يصل إلى فاتنته قال الشاعر:
ومس الأرض في رفق ... يشق رياضتها الغنا
عجبت له وما أعجب ... كيف استلم الركنا؟
وكيف تسور الشوك ... وكيف تسور الغصنا
والفصل الثاني حين يقف الضوء في مخدع الحسناء فيرى في خديها خمر صبابة. ولقد ألفنا الشعراء يصفون خدود الملاح بالتفاح ولكن علي محمود طه إلى وصف ما ينبعث من الخلود من سحر وجمال بخمر صبابة لا ينضب معينها قال: