ثم أسترسل الشاعر في الخيال فتصور ضوء القمر غريماً له ومنافساً سبقه إلى هذه الغانية، ثم ذكر غيرته عليها كلما قبل ثغرها أو لف نهدها أو ضم جسدها قال:
أغار، أغار إن قب ... ل هذا الثغر أو ثني
ولف النهد في لين ... وضم الجسد اللدنا
ثم أخذ ينصح صاحبته بألا تستهين بهذا الضوء وأن تأخذ حذرها منه، وأن تخشى بأسه. وقد دعم أقواله بحقيقة من الحقائق العلمية، فذكر أن هذا الضوء يؤثر في الموجة الكبرى ويرغمها على الخروج من أعماق البحار. وفي هذا إشارة علمية لطيفة إلى المد فإن الأمواج ترتفع تحت جاذبية القمر. وهنا ينتهي الفصل الثاني
أما الفصل الثالث فيبدأ حينما تصور الشاعر هذا الضوء وقد عجز عن أن ينال من هذه الحسناء بعد أن أسبغ عليها كل فنه وجماله. . . قال:
أراد فلم ينل ثغراً ... ورام فلم يصب حضنا
حوتك ذراعه رسماً ... وأنت حويته فنا
في حين أن الفصل الرابع يتمثل في ثورة هذا الضوء الذي أظهر الرعونة والطيش ومضى يطوي السهول والحزون:
يثير الليل أحقاداً ... وصدر سحابه ضغنا
وعاد الطفل جباراً ... يهز صراعه الكونا
فهذا الذي كان يجثو أمامها كالطفل ملتمساً العطف عاد جباراً يهز الكون هزا بصراعه الشديد المتواصل، يثير الرياح ويرسل العواصف فيهرع الناس إلى منازلهم كما يهرعون عند سماع صفارة الإنذار من الغارات الجوية، ويسرع كل منهم إلى لقاء زوجته. وحينئذ يذكر الناس أن القمر لابد أن يكون مفتوناً بغادة ملكت عليه كل جوارحه. ثم نصحها بأن تتقي شر ذلك الجبار وتقفل النافذة حتى تصون حسنها من ثورة هذا العاشق، وحتى لا يظن الناس بمخدعها الظنون. وختم هذه الدرة الثمينة بقوله: