ليس لغيرهم، فهم محسنون غير أنانيين، وهم يربون أولاد غيرهم بأموالهم ويصنعون ويصنعون. . .
ولهؤلاء أقول. . . إن غلطة واحدة يرتكبها الإنسان في صغره مختاراً أو مجبراً قد تظل آثارها عالقة بأعصابه وحياته إلى أن يموت. فإذا لم يلفت الإنسان إليها التفاتاً خاصاً، ويقاومها مقاومة خاصة فإنه يظل منساقاً وراء نتائجها ويظل يعاني الأمرين من آثارها، وقد يخيل إليه في ظروف من الظروف أنه مستطيع الانخراط في طريق الحياة الطبيعية العادية إذا ما اعتزامها واصطنعها، فيعتزمها ويصطنعها ولكنه لا يلبث أن يرى نفسه بعد حين عاجزاً عن المضي فيها. . . كما حدث ذلك للفنان الكبير شارلي شابلن فإنه تزوج أكثر من مرة واحدة، وأنجب من زوجه الأول ولداً هو الآن شاب كبير. ومع هذا فإن شارلي لا يزال يتخبط في حياته وإن كان له عذره في تخبطه، وإن كان فنه السامي مما يشفع له، فنحن إذا طالبناه بإصلاح نفسه الآن بعد فوات الأوان فإن ذلك قد يستنفد منه بقية حياته، وإن أنانيتنا نحن لتمنعنا من أن نسدي إليه هذه النصيحة، فخيرنا في أن نستمتع بفنه، ولو كان في ذلك هلاك روحه. . .
إذن فمن الذي يستطيع أن يضع حداً لهذا الاضطراب. . .
هم الآباء، والمربون، والأمهات قبل هؤلاء وهؤلاء. . . فعلى أولئك تقع التبعة الأولى في المحافظة على تعادل أبنائهم النفساني. وإني لا أشك في أن حضارة القرن العشرين قد بدأت تحس بأنها في حاجة إلى تبديل وتغيير، وعلى الخصوص بعد أن انهارت فرنسا هذا الانهيار السريع الذي لم يكن المعجبون بها يتوقعونه لها؛ وإني لا أشك كذلك في أن أصحاب الرأي والفكر يتربصون اليوم للحرب القائمة يريدون أن تضع أوزارها ليستطيعوا بعد ذلك أن يقولوا كلاماً صريحاً مفهوماً تلخيصه: أن عودوا أيها إلى حياة الطبيعة فلا مفر منها، ولا مهرب من الشر إلا بها، وهي سنة الله