ويركب الدواكر تجره الجياد المطهمة. ثم عشق (عالمة) فتزوج منها وكان فرحه فرح أهل الجمالية والعطوف والدراسة جميعاً، وانتظمت (زفته) الفتوات من جميع الأحياء وعدداً عديداً من أصحاب (السوابق) وحاملي الإنذارات والمترددين على السجون. . . وأحيا ليالي العرس الشيخ ندا وعبد اللطيف البنا وبمبة كشر. ثم مازال يعلو نجمه يوماً بعد يوم حتى تسنم ذروة المجد في الانتخابات الأولى عام ١٩٢٤. فقد أقر بنفوذه كثير من رجالات السياسة في مصر وسعوا إليه يرجون نصرته لهم ويساومن على شراء أصوات أنصاره وأتباعه، وشهدت قهوة غزال محضر باشوات وبيكوات يجلسون إلى المعلم بيومي الفوال متوددين متحادثين. وكان المعلم لهم ويستولي على نقودهم، ولكنه في يوم الانتخابات ذهب وصحبه إلى أقسام البوليس يعطون أصواتهم لمرشحي سعد زغلول
ومنذ ذاك العهد وهو يسمى أولئك الباشوات والبيكوات (بالكروديات) على أنه كان يباهي باتصالاته بهم في أحايين كثيرة فيقول في أثناء حديثه (وقال لي الباشا كيت وكيت) وقلت للباشا كيت وكيت
تلك أيام خلت. . . وخلفت وراءها دهراً قاسياً شديد الظلمات. فما يدري أولئك الفتوات إلا والبوليس يضيق بهم ذرعاً ويشمر للقضاء على أعمالهم، وكان من سياسته أن قذف الحسينية بضابط شاب لم تشهد الداخلية له من قبل نظيراً، سواء في قوته أم في شجاعته وشدة عناده. وكان يعلم أن هدفه الأول هو المعلم بيومي الفوال، فلم يحد عنه، ولم ينتظر الأدلة القانونية لأنه كان يعلم أن أحداً من الناس لن تواتيه شجاعته على الشهادة ضده. فهاجمه بجنوده بغتة وقاده إلى النقطة وأمر الجنود بضربه ضرباً مبرحاً. وأصيب المعلم بذهول شديد لذلك العدوان الجريء. فما كان من الضباط إلا أن أعاد الكرة مرة ومرتين حتى كسر شوكته. ثم جعل يسوقه أمامه محاطاً بجموع الجند الشاكي السلاح يصفعونه في كل منعطف طريق، ويركلونه أمام كل قهوة وينزلون بمن يظهر لهم من فتيانه أشد العقاب، فأفاق الناس من غشيتهم وانحلت عقدة الذعر الممسكة بألسنتهم فهرعوا إلى رجل الأمن يشكون ويستعدون، ووجد الرجل الدليل الذي يطلبه وزج بالمعلم في غيابات السجون يذوق أشد الأهوال والآلام. وهكذا أخذ المعلم بالإرهاب الذي أخذ به الناس جميعاً. وقضى في السجن بضع سنين. ولما فارقه لم يجد أحداً من الفتوات في استقباله يهنئه ويقول له: