وأما في الآخرة فحسبك هذه الآية من آيات:(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا. أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار)
ذلكم الإحسان الذي يدعوا إليه القرآن، وذلكم جزاؤه في الدنيا والآخرة. على الإنسان أن يحسن ما استطاع ولا جناح عليه بعد إحسانه أن يستمتع بالطيبات من الرزق في هذه الحياة. وأن يبلغ من هذه الدنيا ما يشاء! وقد تلوت أنت هذه الآية:
(ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين)
وهذه آية أخرى جامعة:
(وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تبغ الفساد في الأرض، إن الله لا يحب المفسدين)
ذلكم هدى القرآن في الإحسان، وقد جاء في السنة حديث جامع:(إن الله كتب عليكم الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة) يعني إذا لم يكن بد من قتل إنسان قصاصاً فليقتل قتلة حسنة لا مثلة فيها ولا تعذيب؛ وإذا ذبحتم الحيوان فاذبحوه بأحسن وسيلة، الوسيلة التي تؤدي إلى المقصود دون تعذيب كذلك
وبهذا الهدى سار المسلمون الأولون، فأحسنوا أقوالهم وأفعالهم وأحسنوا إلى الناس وبالغوا في الإحسان والإنفاق فنالوا جزاء المحسنين من السيطرة على الدنيا بالحق والسعادة بها وحسن الجزاء في الآخرة
وإن فيهم لأسوة حسنة للمتخلفين من بعدهم، فليجدوا في الإحسان ولينافسوا فيه. ليحرصوا على الإحسان في العلم والمعرفة والقول والفعل وفي كل صنعة وكل نظام تستقيم به أمور الناس على هذه الأرض، فقد دعا الإسلام إلى الإحسان كاملاً عاماً شاملاً. ومن أخلق من المسلمين بإجابة هذه الدعوة؟