وبين القرآن أن الإحسان يكون في كل عمل وفي كل قول. فالاعتراف بالحق والإيمان به إحسان. حكى القرآن عن جماعة من القسيسين أنهم آمنوا وقالوا فيما قالوا:(وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين) وقال عقب هذا: (فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين). فقد عد قولهم المنبئ عن الإيمان إحساناً. وفي آية أخرى يعد العفو عن المسيء والصفح من الإحسان قال:(فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين) وعد استجابة المسلمين لدعوة الرسول إلى تعقب المشركين بعد ما أصاب المسلمين في أحد - عد هذا إحساناً في قوله:(الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم من بعد ما أصابهم القرح، للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم) وعد احتمال المشقة في سبيل الحق إحساناً فقال في المجاهدين: (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله، ولا يطئون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين)
النفس الكريمة الطيبة تنزع إلى كل عمل حسن وتنفر من كل قبيح ولا تقف في الإحسان عند حد، فهي تواقة إلى الأحسن فالأحسن؛ تحسن في كل فعل وفي كل قول وتطمح في كل في كل درجة إلى ما فوقها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
والمحسنون مقربون إلى الله سعداء بقربه ومحبته، لا يفارقهم إحسانه ورحمته. يقول القرآن:(وأحسنوا إن الله يحب المحسنين. ويقول إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. ويقول: (إن رحمة الله قريب من المحسنين)
وأما جزاء الإحسان فقد قال فيه القرآن:(هل جزاء الإحسان إلا الإحسان). وقال:(للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) جزاء الإحسان أن يحسن الله إلى المحسن في الدنيا والآخرة. جزاؤه في الدنيا صلاح النفس وتزكّيها وفتح أبواب المعرفة عليها واستمتاعها بالحياة على أحسن وجه وتمكنها في الأرض وسيادتها وبلوغ الكمال الذي أراده الله للمحسنين. جاء في سورة يوسف:(ولما بلغ أشدَّه آتيناه حكما وعلما. وكذلك نجزي المحسنين) وقال في السورة نفسها: (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء. نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين). جزاء الإحسان في هاتين الآيتين إيتاء الحكمة والعلم والتمكن