للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه

قال: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) وقال: (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً)

أمر الكتاب الكريم بالإحسان في العمل إذ قال: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) والإحسان هنا إما أن يكون فعل الحسن وإما أن يكون زيادة على العدل. فالعدل إيتاء كل ذي حق حقه، والإحسان أن يعطي الإنسان ما لا يلزمه ويفعل أكثر مما يطلب منه. ومهما يكن فهذا وذاك يأمر به القرآن ويدعو إليه ويحث عليه

وأمر بالإحسان في القول إذ قال: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن.) وقال: (وإذا جبيتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها. إن الله كان على كل شيء حسيباً.) فالمسلم مأمور أن يحسن في فعله وقوله جهد الطاقة، حتى ينتهي به الإحسان إلى الكمال الذي هو أليق به وأقرب إلى مقاصد دينه

وهذا الإحسان الذي أمر به المسلمون عام لا يخص فريقاً دون فريق إلا من ظلم واعتدى فليس له من إحساننا نصيب. يقول القرآن الكريم: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم.)

الطريقة المثلى والدين الأحسن في شرعة القرآن أن يؤمن الإنسان بالله ويخلص له ويفعل الحسن. بين هذا القرآن في قوله: (ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن). وفي قوله (ومن يسلم وجه إلى الله وهو محسن فقد أستمسك بالعروة الوثقى)، وقوله (من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)

هذه هي الطريقة المثلى والخطة التي تكفل للإنسان سعادته واجتماع القلوب عليه وتجنبه الشقاء والبغضاء والشحناء مما يجعل الحياة شراً والأرض سعيراً. في الكتاب المبين: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة. أدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) وهذا مطلب عظيم يحتاج إلى رياضة النفس على الخير وصبرها على المكاره. لذلك يقول القرآن بعد هذه الآية (وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) وقال في آية أخرى: (والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار)

<<  <  ج:
ص:  >  >>