ونبدأ هذه السلسلة بدراسة كتاب (فيض الخاطر) لحضرة الأستاذ أحمد أمين عميد كلية الآداب، والمقرر للمسابقة هو الجزء الأول فقط، فإذا استطاع الطالب أن ينظر في الجزء الثاني أيضاً وأن يأخذ عنه فكرة مجملة كان ذلك أبلغ في الإحاطة باتجاهات المؤلف ومعرفة ما يعتلج في نفسه من أفكار وآراء
نشر الجزء الأول سنة ١٣٥٧هـ ١٩٣٨م وهو يقع في ستين وثلاثمائة صفحة بالقطع المتوسط (إلى أن نضع تحديداً دقيقاً لما يسميه الفرنسيون
والمؤلف يصور محتويات كتابه فيقول إنه (مجموع مقالات أدبية واجتماعية) نشر بعضها في (الرسالة) وبعضها في (الهلال) وبعضها لم ينشر في هذه ولا تلك)
ومقالات الكتاب تُعد بالعشرات، أو هي بالضبط اثنتان وسبعون مقالة، وقد وضُعت في أماكنها من الكتاب بدون ترتيب، لأن الترتيب لم يكن ملحوظاً في إنشاء هذه المقالات، وقد وضعت أيضاً بدون تأريخ، لأن المناسبات لم تكن ملحوظة، فهي آراء يتصل بعضها بالعصر الجديد وبعضها بالعصر القديم، بدون التفات إلى روابط التاريخ
ومع هذا التلطف في الاعتذار عن المؤلف فقد كنا نحب أن يؤرخ تلك المقالات، لأن منهج التأليف يوجب ذلك ولأن الباحث قد يحتاج إلى تواريخ تلك المقالات بعد حين
الأسلوب
يتفق الأستاذ أحمد أمين في أحيان كثيرة أن يقول إنه يراعي في أسلوبه ذوق العصر، كالذي صنع منذ أكثر من عشرين سنة يوم نشر كتاب (الأخلاق)، وكالذي صنع في مقدمة (فيض) الخاطر حين قال: (وخير أسلوب عندي ما أدى أكثر ما يمكن من أفكار وعواطف في أقل ما يمكن من عسر وغموض والتواء، وراعك بجمال معانيه أكثر مما شغلك بزينة لفظه، وكان كالغانية تستغني بطبيعة جمالها عن كثرة حليها)
وهذا القول يشهد بشعور المؤلف بأن أسلوبه خالٍ من الزخرف والبريق والرواء، وبأنه لا يعول على جمال الألفاظ، وإنما يعول على جمال المعاني
والأمر كذلك في أسلوب الأستاذ أحمد أمين، فهو يكتب كما يتحدث، بلا عسر ولا غموض، ولا يهمه حين يؤدي المعنى تأدية واضحة أن يقال إن أسلوبه ليس بالأسلوب الرشيق، وقد