وترجمة هذا النص:(إن الرأي المعاصر هو مجموعة أشياء يعتبرها مجتمع ما حقيقة في عهد معين)
فإذا نحن وصفنا (وليم جيمس) المتوفى عام ١٩١٠ بأنه (معاصر فمعنى هذا أن آراءه الفلسفية مازالت يؤخذ بها في شئون الفلسفة وفي شئون الحياة. (فالبراجماتيزم) أو مذهب (الذرائع)، وهو المذهب الذي صاغه جيمس نفسه ما برحت له أطراف طويلة تمتد على الفلسفة الحديثة وعلى سلوك الناس. فقد قرر (موسوليني) يوماً أنه (يدين لوليم جيمس بكثير من آرائه السياسية، وأنه بتأثيره لا يحتكم في سياسته إلى نظريات العقل المجرد، إنما يسلك من السبل ما يراه أقوم وأدنى إنتاجاً)
ونستطيع أن نذهب إلى أبعد من ذلك فنقول إن (نيتشه) الفيلسوف الألماني المتوفى سنة١٩٠٠، أي قبل وفاة وليم جيمس بعشر سنوات، له جانب كبير من فلسفته مازال (معاصراً) على الرغم من مرور السنين ووفاة صاحبها. فالدكتاتورية اليوم، ومظهرها النازية والفاشية، بدعوتها إلى استخلاص العنصر الآري ورعايته يهدد جانب العناصر الأخرى، إنما تستمد معينها من فلسفة (نيتشه)، التي تقوم على عبادة القوة، إذ القوة في نظر هذا الفيلسوف، كما هي في نظر الألمان والإيطاليين اليوم، هي الفضيلة السامية، والضعف هو النقيصة السافلة، والشر المستطير الذي يجب القضاء عليه!!
فإذا كان الأستاذ متولي لا يفهم هذا، أو هو لا يريد أن يفهمه مكابرة وعناداً فهانحن أولاء نسوق إليه براهين حسية تنهض حجة على ما نذهب إليه في أن كلمة (معاصر) يذهب معناها إلى ما قررناه، وقرره قبلنا كبار الكتاب والنقاد.
(ا) ألف العلامة دانيل مورنيه كتاباً في الأدب الفرنسي أسماه (تاريخ الأدب والفكر الفرنسيين المعاصرين ١٨٧٠ - ١٩٢٧) درس فيه الشعراء والكتاب منذ ١٨٧٠، فقدم أبحاثاً عن (زولا) و (دوديه) و (موباسان) و (فلوبير) وغيرهم من الكتاب و (بودلير) و (فيرها رين) و (مالارميه) و (فارلين) من الشعراء، باعتبار أنهم كتاب وشعراء معاصرون في حين أن جلهم توفوا منذ سنوات بعيدة، ذكر (مورنيه) هؤلاء وغيرهم إلى جانب المحدثين باعتبار أن مذاهبهم في الأدب ما برحت تسود نواحي من نتاج الأذهان في هذا العصر