للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأت قصيدة المرحوم حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية وهي مشهورة مذكورة لا يخلو منها كتاب من كتب المحفوظات المدرسية التي تختارها وزارة المعارف

وتابعت - منذ أن تعلقت من اللغة بسبب - كل ما كتب لها وفي سبيلها أو اقترح لأجلها من إصلاح منهج، أو إنشاء خطة أو تبسيط قاعدة. ولستُ في ذلك نسيج وحدي وإنما أنا واحد من كثرة كثيرة يقلق جنوبها أن تصبح العربية غربية في دارها، أعجمية إلى أهلها، بغيضة إلى أحبائها

ومن أعجب العجب أن لغة لا يستهين بها أهلها كالعربية، وأنها على الرغم مما وضع لها من قواعد، وما عمل لها من ضوابط، لا تزال تلقى من الكاتبين أو المتكلمين بها إهمالاً كثيراً وقلة مبالاة، وعدم اكتراث، وذلك أمر لا تجده في لغة أخرى غيرها. فالإنجليزية يكتب بها الإنجليز وينطقون بها صحيحة منحاة؛ والفرنسية - على كثرة شذوذ الأفعال فيها - يكتب بها الفرنسيون وينطقون بها صحيحة منحاة؛ والألمانية - على صعوبة نحوها - يكتب بها الألمان وينطقون بها صحيحة منحاة. . .

أما العربية فهي مسكينة بين أهلها وبين الغرباء عنها، وحق للغريب أن ينظر إليها شزراً مادام ابنها لا يحسنها ولا يبالي أن يحسنها. . .

هذا كلام ثار في نفسي بمناسبة ظهور بمناسبة ظهور الورقة المالية الجديدة ذات الخمسة والعشرين قرشاً. ففيها غلطة نحوية شنيعة أشار إليها كاتب فاضل في إحدى الصحف اليومية وهي لا تخفى على كل قارئ

ثم يشاء الله لهذه الثورة النفسية ألا تسكن، فقد ألهبها من جديد في نفسي إعلان غريب عن نوع من الصابون لا نذكره لئلا يؤخذ ذكرنا له على سبيل الإعلان عنه

وإني لمقتبس من هذا الإعلان (العربي) بعض عبارات وأقدمها هدية متواضعة إلى الأخ الدكتور زكي مبارك مفتش اللغة العربية بالمدارس الأجنبية! فلعل عنده من الرأي ما يسعف، أو من العزاء ما يسلي. . . وإليك بعض العبارات:

(صابون كذا هو محصول فاخر نتيجة اختبارات (ثلاثون) سنة. . . نظراً لكونه (صنف جيد) لتحلية وتنعيم الجلد ويجعله (خملي). . . والحراير يمكن غسيلها بهذا الصابون الذي يستطيع بأن (يبيضوا) بدون ما يؤثر عليها. وبالإطلاق جميع الأصواف يمكن بأن

<<  <  ج:
ص:  >  >>