للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعين غير عين الاستحسان. ومن الجائر أن انتقال السنوسي في سنة ١٨٥٥ إلى جغبوب وهي واحة صغيرة في الشمال الغربي من واحة سيوة على خط عرض ٣٠ كان لرغبته في تجنب الاحتكاك بالأتراك. وهناك في جغبوب توفي إلى رحمة الله في سنة ١٨٥٩ أو سنة ١٨٦٠ وخلف ولدين: الأكبر محمد شريف، سمي كذلك تيمناً باسم سلطان واداي ولد سنة ١٨٤٤، والثاني المهدي ولد سنة ١٨٤٥. وقد خلفه في زعامة الإخوان المهدي. ويقال إن الولد الأصغر أظهر ذكاء وكفاية أكثر من أخيه، ولذلك قرر الوالد أن يختبرهما؛ وأمام جميع الإخوان في جغبوب أمر ولديه بتسلق نخلتين عظيمتي الارتفاع وسألهما باسم الله ورسوله أن يقفزا إلى الأرض، فقفز المهدي في الحال ولم يصب بسوء في حين رفض الأكبر. وإلى المهدي الذي لم يخش أن ينفذ إرادة الله انتقلت ولاية العهد التي كانت من نصيب الأكبر. ويظهر أن محمداً قبل مصيره هذا بلا تذمر، وقد تولى القضاء والتشريع في زاوية الإخوان تحت رياسة أخيه إلى أن توفي إلى رحمة الله في سنة ١٨٩٥.

السنوسي المهدي

كان عمر السنوسي المهدي حين خلف والده أربعة عشر عاماً ومع ذلك كان يتمتع بجميع ما كان يتصف به والده من الشهرة والحكمة والعلم. وقد فاتنا أن نذكر أن الأمير محمد شريف سلطان واداي توفي سنة ١٨٥٨، وخلفه السلطان علي الذي حكم حتى سنة ١٨٧٤ والسلطان يوسف وتولى الحكم حتى سنة ١٨٩٨ وكلاهما كان مخلصاً في أتباع تعاليم السنوسية. وفي عهد السنوسي المهدي انتشرت تعاليم السنوسية من فارس إلى دمشق ومن القسطنطينية حتى الهند. وكان للطريقة في الحجاز أتباع عديدون، وفي معظم هذه الأنحاء احتلت السنوسية مركزاً قوياً يفوق كثيراً من الطرق الإسلامية الأخرى. أما في بلاد النيجر وهي تقع شمال بلاد نيجريا فلم تنل السنوسية نجاحاً، ذلك لأن مسلمي هذه البلاد ما كانوا يعترفون إلا بسلطة سلطان سوكوتو، ولكن الحال كان مختلفاً في الصحراء الشرقية وفي أواسط السودان، فإنه من حدود مصر الغربية جنوبي دارفور ووادي وبرنو، وغرباً إلى بيلما ومرزوق، وشمالاً إلى شواطئ طرابلس كان السنوسي المهدي أقوى شخصية وكان له من النفوذ ما يجعله الحاكم الفعلي، ولذلك كانت الواحات المنتشرة في صحراء ليبيا تحتل وتزرع بواسطة السنوسسيين؛ وازدهرت التجارة مع طرابلس وبنى غازي واستقر النظام

<<  <  ج:
ص:  >  >>