للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ويحرص إليك أشد الحرص ويتوخى الدقة إذا تحدث عن أقطار الأرض وإن كانت سويسرا وسوريا عنده شيئاً واحداً وأن كانت كندا لتتاخم الهند، وإن كانت دوله البلقان لمن أعظم دول الأرض، وإن كانت استراليا لتقع جهة السودان، وإن كان جبل طارق لذات ثروة عظيمة وبخاصة في القمح والقطن، وذات خطر يحسب له ألف حساب، إلى غير ذلك من الأدلة على سعه علمه بجغرافية هذا الكوكب

ولن يقل علمه بالتاريخ عن علمه بالجغرافيه، يتجلى ذلك في سبب تفضيله هتلر على نابليون، فنابليون كان يحارب منذ أكثر من خمسمائة سنه فكانت أمامه أمم ضعيفة، أما (هتلر) فإنه يحارب إنجلترا التي ملكت العالم وسادت البحار

ويحاول إلبك أن يتكلم العربية كما يفعل المتعلمون، فيأتي بضروب من القافات لم يسبقه فيها سابق ولن يلحقه لاحق إن شاء الله. فالقسطول الإنجليزي قسطول هائل، وقيران دولة صديقة لنا. . . إلى غيرها مما أخشى إن ذكرته أن يحمل على المبالغة

وينتقل صاحب السلطان إلى المباهاة بجاهه فيما يذهب فيه من ضروب الحديث؛ فيصف كيف يقف له سعادة المدير إذا دخل عليه؛ ويذكر من شملهم بعطفه فعينهم في وظائف مشيراً إلى أنه إنما فعل ذلك لا يقصد غير البر والإحسان؛ ويفخر بمن يزور داره من الحكام ومن وجوده البلاد. ويقص الأقاصيص عن خوف رجال الشرطة منه، وآخر ما حدث له معهم أنهم ما كادوا يعلمون أن الحمير (المسلوخة) التي قبضوا عليها منذ يومين ملك له حتى أطلقوا سراحها معتذرين!! وأنهم عاجزون عن أن يقبضوا على رجل من رجال عزبته إلا بأمره؛ وبدهي أنهم متى عجزوا عن الحمير كانوا عن الرجال أعجز

وتكلم عن الفلاحين، وناهيك بحديثه عن الفلاحين، فله في ذلك من جوامع الكلم ومن أصول الاجتماع ما يعجب ويطرب؛ خذ مثالاً لذلك قوله: (اضرب الفلاح على رأسه تأكل خيره)؛ وقوله: (الفلاح جنس ما يستهلش النعمة)، و (الفلاح يخاف ولا يختشي). ولقد كان يذكر هذه العبارات في لهجة الخبير الواثق الذي لا يقبل فيها جدلاً؛ وهل كان في الجالسين من يجرؤ على جداله؟!

وتداعت الصور في ذهني وهو يتحدث عن الفلاحين، فتذكرت منظره وهو بين المزارع تركض به دابته وخلفه فلاح يجري والعرق يقطر من جبينه وأنه ليلهث كما يلهث الكلب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>