للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأغلت سمية الباب ودخلت الدار وحيده؛ ووقفت في الشرفة برهة تنظر عيدها وعيد الناس؛ وكان في الشرفات المقابلة رجال ونساء، وبنون وبنات؛ وهتفت: يا أخي! الله لك ولي. . .!

بًلى، لم تكن سمية من بنات جيلها؛ ولكن في أعرقها من دمٍ أُمها حواء؛ وألقى الشيطانُ في قلبها أمنيه. . .

وعز عليها أن يكون غداً عيد الناس جميعاً ولا عيد لها، فتمنت، وكانت متواضعة في أمنيتها. . . فلم تبلغ بها المنى أن تكون مثلَ فلانة وفلانة ممن رأت وعرفت، ولم تتسامَ إلى الأمل بأن تكون من ذوات الغنى والجاه والدلال، ولم تنس الحقيقة التي تعيش فيها فتأمل أن تتغير حياتها من حال إلى حال؛ ولكنها تمنت. . . تمنت على الله الذي يهب للناس سعادة العمر أن يذيقها حلاوة هذه السعادة حيناً ثم. . . ثم يسلبها. . .

ورفعت يديها إلى الله داعيه: يا رب! لا أريدها ألا مذاقاً أعرف به كيف يعيش السعداء من خلقك. . .!

وأومضتْ في حواشي الأفق بارقة من نور، ثم خبت. . .

وسمعت سمية طرقاً على الباب، فأسرعتْ إليه لترى. . .

(شفيق. . .!)

وظل المدير الشاب واقفاً بالباب وعلى شفتيه ابتسامه مستحية وفي عينيه رجاء، وهَمسه: أتأذنين يا سمية!

وأذنت له، فدخل ودخل وراءه ساعيه يحمل إلى سمية هدية العيد؛ وقال الفتى وقد اطمأن به المجلس: سمية، لعل زيارتي لا تسوءك يا آنسه! لقد طالما راودتني نفسي فنهنهتها، ثم هاأنذا وتضرَّجتْ وجنتاها من حياء ثم أطرقت، واستطرد شفيق: ولعلي إذا اخترتُ هذه الليلة لأزورك هنا، أن يكون رجائي مقبولاً لديك. . . انظري إليَّ. . . ولا يضيقْ صدرك بي يا آنسة؛ إن عليَّ لك حقاَ، ولعلني أستطيع أن أصارحك في يوم قريب؛ أما اليوم. . .

وخفق قلب سمية وترادفتْ أنفاسها؛ وأحس الفتى خجلها فلم يثقل، وتهيأ للنهوض، وتواعدا على اللقاء!

وتمتمت الفتاة شاكرة وفي عينيها دموع للتأثر!

<<  <  ج:
ص:  >  >>