للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على المصارحة فيما جل ودق من شؤون السياسة وشؤون الاقتصاد، ومن هنا جاز أن تقع في كتاب حافظ عفيفي عبارات لا يقولها رجل كان سفيرنا في إنجلترا بالأمس وقد يكون سفيرنا عندها في الغد، كالذي وقع حين نص على (أن إنجلترا لم تدخل ميدان الاستعمار لإغراض إنسانية كتمدين الشعوب المتأخرة ولا لفائدة المهاجرين الأوربيين بل سعياً وراء الريح من الاتجار في محاصيل المستعمرات والحصول على ما تحتاج إليه من المواد الأولية، وإيجاد حموله لأسطولها التجاري وسوق لتصريف محصولاتها ومصنوعاتها). وكالذي وقع منه حين أيد هذا الحكم بالقوانين التي أصدرتها إنجلترا، القوانين القاضية باحتكارها للتجاره الخارجية للمستعمرات بالنسبة لأهم المحاصيل، وتحريم تصدير الدخان والسكر والقطن الخام والأصباغ الطبيعية والنحاس ومواد بناء السفن على المستعمرات، والقوانين القاضية بتحريم نقل ما يصدر عن المستعمرات أو يرد إليها على السفن الإنجليزيه، وبعض القوانين التي كانت تحرم على المستعمرات إنشاء بعض الصناعات التي قد تنافس الصناعات الإنجليزية، كصناعة الحديد مثلا؛ وبعض القوانين التي كانت تحرم على المستعمرات تصدير بعض المصنوعات التي تزاحم المصنوعات الإنجليزية

فهذا كلام لا يقوله دبلوماسي (مصقول)، وإنما يقوله دبلوماسي (صريح) والصراحة عيب جميل، ان جازت مجاراة الزمن المقلوب في عدها من العيوب!

ما هو الغرض من هذا الكتاب؟

حافظ عفيفي لم يبتكر هذا الفن من التأليف، وإنما سار في طريق مسلوك عبده الأوربيون من أجيال طوال، فالأدب الفرنسي مثلا فيه عشرات من المؤلفات الجياد لتعريف الفرنسيين بحيوات الإنجليز والألمان والطليان والروس، وأهل مصر والشرق العربي يعرفون الكتاب الذي نقله فتحي زغلول عن الفرنسية منذ أكثر من ربع قرن عن (سر تقدم الإنجليز السكسونيين) وهو كتاب له نظائر وأشباه قد تصل إلى المئات إذا راعينا النشرات الطويلة والقصيرة التي أريد بها تعريف الفرنسيين بأهم أمم الشرق والغرب. . . ومؤرخو الأدب الفرنسي أم يفتهم أن ينصوا على التطور الذي صار إليه أدبهم بعد ذيوع كتاب مدام دي ستال عن الألمان

حافظ عفيفي لم يبتكر من الوجهة العالمية، وإنما ابتكر من الوجهة المصرية، فهو أظهر

<<  <  ج:
ص:  >  >>