التجاعيد. وإذا كان لدى المرأة الغربية من ضبط النفس ما تقهر به تلك المشاعر، فلدى العربية مما فطرت عليه من الجد ما يذلل مشاعرها التي تراد في الغرب لتذليلها قوة ضبط النفس. ومثل العربية في ذلك كمثل الراهبات اللواتي قلما تظهر على وجوههن في الشيخوخة تلك التجاعيد، واللواتي يحتفظن بالوسامة رغم الشيخوخة، ويحتفظن بعلائم الاطمئنان والراحة
وفي الكتاب أقاصيص ونوادر يسرد منها مقرظة قول الكاتبة:
إن قاضي المدينة أخبرها بأنه سيفتتح دكاناً، وإن غرضه من ذلك تمضيه الوقت
قالت في دهشة: وماذا تبيع به؟ فقال: إن رأيه لم يستقر على شيء. ثم أخرج من جيبه أوراقاً وقال إنه لم يعد من مشروعه غير ما تضمنته هذه الأوراق من قصيدة سيعلقها على باب الدكان تحية للزبائن
وسواء أكان هذا القول من جانبها جداً أم هو هزل يراد به تجسيم محبة العرب للشعر في الكتاب هزلاً ولا شك فيه يراد به لفت نظر الغربيين، فمن ذلك ما زعمته من اعتياد الرجل في حضرموت أن يتزوج خمسين زوجة. وفيه إغراق في الوهم فمن ذلك زعمها أن حاكماً من حكام حضرموت أشترى ألف جارية من الصومال، فلما نقلن في سفن إلى البلاد العربية أتضح أنهن حوامل جميعاً وأنهن تركن في مكان ما من الصحراء حتى يضعن فتنشأ جيل من الناس بهذا المكان لا يشبهون العرب بل تدل ألوان بشرتهم وشكل شعرهم على أنهم من نسل صومالي
وتصف الكاتبة اعتقاد الأهلين بالجن وبالسحر وتنصف علماء الدين فتقول: إنهم ينكرون هذا كله، وتقول: إن مهر العروس هناك لا يجوز أن يزيد على أربعة عشر دولاراً ولكن تكاليف حفلة العرس لا تقل عن ستين دولاراً وتروي عن رجل عرفته أسمه السيد علوي أن نفقات زواجه بلغت ثلاثمائة دولار، وانه تزوج بدافع الحب، وأنه يعتقد إن زواج الحب هو الزواج الصالح وأنه لذلك لن يعدد الزوجات
هذا بعض ما وصف به الكتاب، ولعل فيه ما يكفي للتعريف به أو للاستزادة من التعريف
وأحسب أن في الكتابة عما لم أقرأه معتمداً على ما قرأت عنه ما لا تقل جدواه عن كتابتي عن كتاب قرأته إلى من لم يقرأوه، كلا الأمرين تعريف لمن شاء أن يعرف، وفي مجال