وحملة الشهادات العليا، لما هم عليه من ثقافة فلسفية وعلمية.
بيد أن المربي لا يشاركه الرأي. ويقول: إن الحياة جامعة
الجامعات، وأبواب المناصب مفتوحة لكل من تزكية كفايته
وخيرته لأيها، سواء أكان من أبناء الجامعات أم من غيرهم.
أفلاطون: لا شك أنك ستجد ضرورياً أن تفرق بين نوع التربية الملائم للرجال المسئولين، وذوي التبعات الوطنية، وبين نوع التربية الملائم للصناع والعمال. فتربية الأول هي تربية ثقافية عالية، بينما تربية الآخرين تربية فنية مهنية.
المربي: أنا لا أومن بهذا الرأي. إننا نعتقد في بلادنا أن كل فرد يجب أن ينال نصيباً آخر من التربية غير تلك التربية الآلية التي تعده للمهنة أو الصنعة، لأن كل الأفراد قد منحوا صفة البشرية، وصفة التعقل والإدراك، ولهم قوى كامنة يمكن أن تتقبل الثقافة والحكمة. ولهذا يجب أن ينال كل فرد إلى تربيته المهنية تربية ثقافية عامة.
أفلاطون: ولكن أتسمحون بهذه التربية الثقافية العامة للموهوبين وغير الموهوبين على السواء؟
المربي: كلا هذا مستحيل، أولاً لأن السواد الأعظم من تلاميذ المدارس يكتفون بالتعلم إلى نهاية المرحلة الأولية، أعنى إلى سن الرابعة عشرة؛ وثانياً لأنه ليس كل الأفراد صالحين للتعليم الجامعي.
أفلاطون: إنني موافقك على هذا بكل قواي. إن الطبقة قلية الذكاء من أبناء الشعب والتي أسميها العامة في (مدينتي الفاضلة)، لا تفهم الفلسفة ولا تتمتع بها والأفراد القلائل منها الذين يتذوقون طعم الفلسفة يخدعهم أول أفاك يقابلون، أو متطبب، أو متدين محتال يستولي على قلوبهم بعبارات الدين الخلابة. إن ذوق العامة يميل دائماً إلى الدون من كل شيء. ولا يفرق بين التكحل والكحل، ولا بين الحقيقة والخيال. وهذا هو ما دعاني لأن أحظر على العامة دراسة الحقائق والعلوم الفلسفية، وأن أقصرهم على الأساطير، وأحاجي الآلهة، والأقاصيص الخيالية. تلك الأشياء التي أسميها (الأكاذيب النبيلة)، والتي يجب على