القول بأن الحضارة المصرية ترجع إلى أبعد من خمسة عشر ألفاً من السنين؟ وما الذي قال العلماء المرافقون لبونابارت؟ وما هو البرج الذي نقل إلى فرنسا فبلبل الأفكار الأوربية؟ ومن هو الشاب الفرنسي الذي أدى لمصر أعظم خدمة تاريخية ثم حمله الخوف من سلطان الكنيسة على المواربة في قضية البروج؟ ومن هو العالم الذي قرر أن الثقة بالمسيح لا تمنع من مسايرة الحقائق العلمية؟ وعلى أي أساس بررت الكنيسة خروجها على حرفية العهد القديم لتصح النظرية المصرية في قدم الوجود؟
عقيدة الحساب بعد الموت
ذلك بحث نفيس كتبه عبد القادر في أيام صفاء، فما تفاصيل هذا البحث؟
لهذا البحث عناصر كثيرة، ولكني أرجو أن يفكر الطلبة في الموازنة بين الأخيلة اليونانية ليعرفوا كيف استطاع المؤلف أن يقيم البراهين السواطع على أن المصريين سبقوا اليونان إلى تصور عقيدة الحساب بعد الممات بما يدل على فهمهم لفكرة العدل.
ودرس هذا البحثُ يعين على فهم البحث الذي يليه وهو تأثير المدنية المصرية في المدنية اليونانية وتعيين ما أقتبس وميروس من أساطير المصريين
وهذان البحثان يهمان كل مصري يحب أن يعرف مركز وطنه في التاريخ، فقد استطاعت أرض يونان أن تزعم أنها أثقب فكراً من وطن النيل، وساعد على تأييد هذا الزعم أن كان العرب سفراء العقل اليوناني في الممالك الأسيوية والأوربية، في أوقات لم يملك فيها المصريون أدوات النقض لمزاعم اليونان.
لمحة من التحقيق
المصريون هم أساتذة اليونان القدماء باعتراف الجميع، ولكن العقل المصري كان غفا بعد أن تعب من اليقظة التي هدمت أعصابه في عشرات الأجيال؛ ثم كانت صحوة العقل اليوناني بعد ذلك، وهي الصحوة التي عرفها العرب يوم عزموا على (إحياء) المطمور من آثار القدماء. فمن طاب له أن يزعم أن مصر تعيش بعقلية يونانية فسيقهره المنطق الحق على الاعتراف بأن اليونان لم تؤد إلى مصر إلا بعض ما بعض ما تلقت من علمها الأصيل في العصور الخوالي، ولا بد يوماً أن ترد الودائع، ولو كره كهنة دلف وسَدنة