وهناك في هذه التطورات طريق يؤدي إلى الإنسانية العتيقة التي تهوي إلى مستنقع العقل الباطن، طريق تؤدي إلى هدم الشخصية والقضاء عليها
إن الإنسان الذي يستطيع أن يحتفظ بما اكتسبه هو الذي يستطيع أن يختبر لأول مرة معنى الذات، وحينئذ يستطيع أن يغوص في نفسه حتى يبلغ الإنسان الفطري المستقر فيه
فكيف يستطيع أن يحرر الإنسان نفسه من ذلك الإنسان الفطري المتغلغل في أعماقه. . . كيف يستطيع أن يقيم قنطرة تربط ذاته بالإنسان الناضج؟
كلما أنكر الإنسان ذاته واكتسب الفضائل العليا، كان بعيداً عن ذلك الإنسان الفطري.
إن كلمة الإنسان ذات الرنين الجميل لا تعني في أساسها شيئاً جميلاً أو فاضلاً أو ذكياً ولكنها تعني دركات منحطة من هذه الصفات. إن الكفاح والخوف الذي يراودنا عندما نحاول الانفصال عن الإنسان الفطري يبين لنا أن قوة جاذبية عالمنا السفلي (أي العقل الباطن) ما زالت هائلة، هذه القوة التي لا يمكن إنكارها وإذا أنكرناها فإن هذا لا يعني الخلاص منها
لا يستطيع أحد أن يبدأ حياته بالحاضر ولكنه ينمو إليه رويداً رويداً، ومن لم يكن له ماض فليس له حاضر. فالإنسان الصغير لا يقوى على ابتكار الثقافات، فهو لا يملك شيئاً من المعرفة سوى أنه موجود، وإن العمر الناضج الذي عبر منتصف الحياة هو الذي يخلق الثقافات
مزقت بربرية الحرب الجهنمية روح أوربا. . . وفي الوقت الذي تعكف فيه أيدي الرجال على إصلاح الخراب الخارجي تبدأ المرأة بدافع من سريرتها العمل على التئام جروح البشر الداخلية بتأسيس العلاقات النفسانية البشرية على أساس وطيد، ولا شيء يحول بينها وبين تحقيق أهدافها أكثر من الزواج التقليدي. . . زواج العصور الوسطى. . . ولن تتأسس تلك العلاقات على أساس عرفي ما لم تتعطر بشذى الحرية
المرأة الحديثة في حاجة إلى وعي أوسع مدى حتى تتعرف هدفها وحتى لا تكون آلة الطبيعة العمياء. إن وسيلة المرأة هي وسيلة الطبيعة التي تعمل بطرق غير مباشرة بدون أن ترمي إلى هدف ظاهري، وأن يكون الهدف موروثاً في سريرتها. على أن هذه الطرق الملتوية التي تنتهجها المرأة خطرة، فعبثاً تحاول أن تصل بها إلى أهدافها