للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إنها لم تكن قط واعية للحقيقة المنطوية. على أن أعمق ما تملكه في ذاتها يمكن أن يجعلها تصطدم بالتاريخ؛ ولا ريب في أن هذا الاصطدام يبدو لها مستهجناً وغير منتظر. ولكن أين هي التي فهمت واستوعبت جيداً هذا التاريخ كحقيقة واقعة فليس هذا موجوداً في المجلات الضخمة ولكنه يعيش في الدماء

وما دامت المرأة تحيا حياة الماضي فهي لن تصطدم بالتاريخ ولكن يندر أن تنحرف المرأة عن ميل ثقافي سيطر على التاريخ. والآن نرى أن ترددها أصبح مفهوماً لأنها إذا خضعت لقانون الحب وقعت في هاوية الألم والشك والحيرة، وتعثرت بين عاملين كبيرين: الجمود التاريخي والقوة الإلهية المبتدعة.

ففي النهاية لا تجد حلاَّ سوى أن تنبذ الجمود التاريخي، وحينئذ يتعين عليها أن تبتدع لنفسها تاريخاً جديداً أو أن تتعلق بالتاريخ وتخضع له. ولكنها لا تستطيع أن تبتدع تاريخاً حديثاً ما لم تجرؤ على المخاطرة بكل شيء لتحقيق غرضها ولو ضحت بنفسها، لأن موضوع التجربة هو ذاتها التي تنتهي بها إلى نهاية مريرة. وهي عند هذا الحد لا ترى حياتها خلفاً لسلف بل تبدأ حياتها هنا. وهذا بمثابة تعبير ثقافي موروث يرمي إلى إيجاد شكل إنساني أتم، وإلى إيجاد معنى للحياة، وإلى نبذ انتحاء الإنسان ناحية واحدة من الحياة، وإلى تطليق حياة عزيزة محضة

إن المرأة تعي الآن أن الحب وحده هو الذي يمنحها قوامها، وأن الرجل الآن يستطيع أن يدرك أن الروح فقط هي التي تمنح حياته أسمى معانيها. وكل من المرأة والرجل يسعى إلى علاقة نفسية تربطه بالجنس الآخر، فالحب في حاجة إلى الروح والروح في حاجة إلى الحب.

إنها تشعر الآن بأنه لم يعد في الزواج طمأنينة ولا استقرار حقيقي؛ فأي معنى سام يحمله إخلاصها إذا كانت تشعر بأنها مكبلة بأغلال الشهوة التي ترمي إلى اقتنائها اقتناء قانونياً يحبس روحها. هناك إخلاص أهم من هذا يلوح لها، إخلاص للروح والحب، إخلاص يقوى على غزو الضعف الإنساني وعدم نضوجه ليقضي عليه. وربما تستطيع الوقوف على أن ما هو ضعيف وغير ناضج ليس إلا فوضى مؤلمة أو طريقاً محوطاً بالقلق، وأنه يستطاع تفسير ما استكشفته تفسيراً مزدوجاً تبعاً لطبيعته المشكوك فيها

<<  <  ج:
ص:  >  >>