يشتكي به إليك إذا اطمأن إليك فأفضي إليك بهمه على الرغم مما يتقلب فيه من نعمة أنه رجل وليعذرني القارئ إذا ذكرت عبارته كما يوردها، فإني لأخشى ألا يؤدي تعريبها ما يريد من معنى، فيضيف بذلك إلى أدلة جهلي عنده دليلاً آخر، ولا تنسى أن من لم يذهبوا إلى الخارج هم عنده جميعاً جهلاء أدعياء!
وهو لا يسمح أن تكون كفايته موضع شبهة من أحد رئيساً كان أو مرؤوساً، وإنه ليخطئ الخطأ في جدله لا يختلف اثنان في أنه خطأ، ومع ذلك فإنك لتزحزح الجبل الراسخ من موضعه ولا تزحزحه هو عن موقفه بأية وسيلة من الوسائل؛ ويظل في مكانه لا ينحرف قيد شعرة، ولن تزداد أنت بمحاولتك عنده إلا أنك تمعن في المكابرة وتسرف في الحمق وتبالغ في الغفلة؛ وإنه لن يؤمن أنه يخطئ إلا إذا كان أحداً ممن اغتربوا ولو إلى قبرص!
وليته يقف عند هذا الحد، فإنه ليقحم نفسه في كل جدال فيستمع لحظة حتى إذا قرر أحد المتكلمين أمراً جابهه بأنه يقرر الخطأ قائلاً:(لا، هذا خطأ) يقولها في غير مراعاة منه لأي وضع من أوضاع الذوق، ثم يزيدك نكداً بأن يسمعك نصف عبارته الإنجليزية ونصفها بالعربية، ولقد يستكثر النصف على العربية أحياناً فلا يأتي منها إلا ببعض ألفاظ؛ ويمعن في الكيد لك فيستدل على رأيه بما قرأ من كتب يذكر أسماءها، والله يعلم نصيب كل منها من الوجود! ولن يذكر فيما يستدل به من الكتب اسم كتاب عربي. وكيف يفعل هذا وهو لا يتورع أن يقول في صراحة إنه يضن بريال من ماله على شراء أي كتاب عربي بينما يدفع جنيهاً كاملاً ثمناً لأي كتاب إفرنجي؟!
إذا صرفت النظر عن طربوشه وسحنته فأنت منه - إذا تبقى بعد ذلك شيء - حيال إنجليزي لا حيال مصري؛ فسرواله وحلته وحذائه كلها إنجليزية اللون والتفصيل، وغليونه إنجليزي الوضع والهيئة والحجم، وأسلوبه في تفريغ ذلك الغليون بدقة على كعب حذائه وفي حشوه وإشعاله أسلوب إنجليزي على رغمي ورغم غيري من الذين ينكرون عليه كفايته، لأن الغيرة تملأ نفوسهم والحقد يوغر صدورهم.
وإنه ليدق الأرض دقاً بحذائه الغليظ إذا مشى، ويومئ برأسه مع كل دقة إيماءة الكبرياء، فيكون في ذلك إنجليزياً أكثر من الإنجليز أنفسهم؛ وهو يكمل بذلك أدلته على أنه قد صار أحد هؤلاء الإنجليز الذين أخذ عنهم؛ وإني لن يسعني مع هذا إلا أن أسلم له بأنه حقاً، وإلا