ليته نقل علمهم وأتقن أسلوب تفكيرهم، ثم اقتنع بهذا الجد وحافظ على مظهر قوميته وروح وطنيته، وإن بعض إخوانه ليعود إلى وطنه وما أغناه ماء التاميز عن ماء النيل، وما إن يرضى بأن يقيم من نفسه دليلاً على شعوره بحقارته!
وما لهذا المتكلف وللعلم وبيده (رخصة) بأنه كفء على الدوام أحسن أو أساء؛ وما به حاجة إلى أن يعمل فهو سابق غيره إن جد وإن أهمل بحكم هذه الوثيقة بل هذه الحجة الدامغة التي تغني عن كل شيء! وإن وثيقته هذه لتذكرني (بصكوك الغفران) التي كانت تبيعها الكنيسة للناس في العصور الوسطى فتغفر لهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر، أو بما يكون لصوم يوم عاشوراء عند السذج من عامة المسلمين من جزاء في الدنيا والآخرة. . .
وإن إكبار المجتمع لمثل هذا المصري الآتي من الخارج ليجري على أسلوب كأسلوب العوام الذي تراه في مثل قولهم:(فلان متربي في بلاد بره) أو كأسلوب بعض جهلاء الذوات في الجيل المنصرم عندما كانوا يقولون (فلان جي من استنبول)
لقد ذهب الزمن الذي كان يراد فيه وضع هؤلاء القادمين من الخارج مهما يكن من عجزهم موضع التفوق ومات الغرض من ذلك بتيقظ قوميتنا وانبعاث نهضتنا؛ فختام نشهد على أنفسنا بالضعة ونقدح في كفاية معاهدنا وأساتذتنا؟
يا معالي وزير المعارف! لأنت أحد أساطين نهضتنا القومية المباركة، فمن غيرك اليوم يقتلع هذا الداء من أصوله ويقول لمن يعمل: المكافأة على قدر العمل، وقيمة كل امرئ ما يحسن! بذلك تقضي معاليك على عيب من أهم عيوب التعليم في هذا الجيل الذي يرتقب الخير على يديك.