للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سانياسي - كَفْكِفي عبراتك يا طفلة، إني أنا سانياسي الذي ليس ينفذ في قلبه شيء من ضغينة ولا هوى، وإذا لم تكوني لي فليس بوسعي أن أطردكِ. إن مَثَلَكِ إذا قيس بي كان كمثل هذه السماء الزرقاء. إني أراك كائنة وغير كائنة - أنت - في نظري

فاسنتي - أبتاه، إني منبوذة من الآلهة والناس على حد سواء

سانياسي - وكذلك أنا، لقد نبذتُ الآلهة والناس

فاسنتي - أليس لكَ أم؟

سانياسي - كلا

فاسنتي - ولا عندك أب؟

سانياسي - كلا

فاسنتي - ولا اصطفيْتَ خِلاَّ؟

سانياسي - كلا

فاسنتي - فسأكون معك إذاً. أفلا تغادرني؟

سانياسي - لقد استغنيتُ عن الفراق. في إمكانِكِ أن تظلي بجانبي ومع ذلك فأنت بعيدة عني!

فاسنتي - إني لا أفهمك يا أبتِ! خبرني أليس ثمة ملجأ لي في هذه الدنيا كلها؟

سانياسي - أتريدين ملجأ؟ ألم يبلغْكِ أن هذا العالم هوّة سحيقة لا تنتهي إلى قرار؟ هذه جماهير الخلق خارجة من حفرة اللاشيء في البحث عن ملجأ لها، فإذا هي تدخل في هذا الخواء الفاغر فاه وتضلَّ فيه! وتلك هي أخيلة الأكاذيب ملتفةً من حولكِ تقيم سوق أوهامها؛ وما الأطعمة التي تبيعها سوى الظلال! وإنها بذلك لتخدع جوعَكِ ولكنها لا تُشبِعُكِ، فاخرجي من هنا يا ولدي، اخرجي

فاسنتي - ولكني أراها في هذا العالم سعيدة يا أبتاه! أفلا نستطيع أن ننتبذ من هذه الطريق مكاناً نرقبها منه؟

سانياسي - إن هذه الجماهير لا تعي شيئاً ويا للأسف. إن بصائرها لا تدرك أن هذا الكون إنما هو الموت الأبدي الذي لا انتهاء له؛ إنه ليموت في كل لحظة ومع ذلك فلن ينتهي إلى الغاية. وأما نحن مخلوقات هذا العالم فإنما نحيا وقوام قوَّتنا هذا الموت.

<<  <  ج:
ص:  >  >>