الحدود والزحف على فينا. وقد غدت مسالة استقلال النمسا مسألة دولية، وانتهت المساعي التي بذلتها حكومة فينا في ذلك السبيل بأن أعلنت إيطاليا وفرنسا وبريطانيا العظمى في تصريح رسمي بأنها ترى وجوب المحافظة على استقلال النمسا كشرط لاستتباب السلم في أوربا، وأبدت إيطاليا اهتماما خاصاً بمقاومة مشاريع السياسة الألمانية لأنها تهدد سلامة حدودها الشمالية ومصالحها في أوربا الوسطى، وتوترت العلائق من أجل ذلك بين ألمانيا وإيطاليا. وانتهت الجهود التي بذلها السنيور موسوليني في ذلك السبيل بأن عقد أخيراً في رومة ميثاق سياسي اقتصادي بين إيطاليا والنمسا والمجر يرمي إلى توحيد الجهود السياسية والاقتصادية بين الدول الثلاث في سبيل رد أي اعتداء يوجه إلى حقوقها أو مصالحها.
وكان من أثر ذلك أيضاً أن قويت الدعوة إلى إعادة الملوكية في النمسا كوسيلة لتقوية استقلالها والقضاء على أسباب الخلاف الداخلي فيها، وليس في معاهدة الصلح (سان جرمان) ما يمنع عودة آل هبسبورج إلى النمسا وعودة العرش النمسوي، ولكن الحلفاء كانوا يعارضون دائماً في هذا العود، بيد أن الفكرة تلقى اليوم قبولا في كثير من الدوائر التي كانت تنكرها من قبل، وقد نشطت هذه الدعوة أخيراً في النمسا، وأقيمت عدة اجتماعات من أنصار الملوكية تحت رعاية الحكومة، وقيل إن الرئيس ميكلاس ينوي الاستقالة من منصبه قريباً ليمهد إلى هذا العود، ولا يوجد في النمسا من يعارض الفكرة الآن بعد ذهاب الديموقراطية الاشتراكية؛ وهي بالعكس تلقى تأيداً من الحزب المسيحي الاشتراكي (حزب الحكومة) ومن حلفائه الهايمفر. ويرى أنصار الفكرة أن عود الملوكية خير وسيلة للقضاء على مشاريع السياسة الألمانية في ضم النمسا (الانشلوس) وأما في الدوائر الخارجية فان إيطاليا وفرنسا اللتين كانتا تعارضان من قبل في هذا العود أشد المعارضة، لا تريان اليوم بأسا منه، وفي وسع فرنسا أن تذلل معارضة حليفتها تشيكوسلوفاكيا وفي وسع إيطاليا أن تذلل معارضة صديقتها المجر، وعندئذ تغدو مسألة عود آل هبسبورج إلى عرش النمسا مسألة تخص النمسا وحدها، وتتوقف على إرادة الشعب النمسوي وحده