أما ثالث أقوال الوزارة من أن الكتاب فيه (نقص في الشرح)، فليس صحيحاً بوجه من الوجوه، إذ كان شرحي مختصراً مبيناً عن وجه العبارة والمعنى؛ وقاعدتي في الشرح أن أدع نص أصحاب اللغة في شرح اللفظ اللغوي، إلى عبارة أعبر بها معنى الجملة على الوضوح والبيان. وبذلك أسقط من الكلام ما تحشو به وزارة المعارف كتبها من الشروح التي لا معنى لها. وسأضرب في كلمة أخرى أمثلة كثيرة أزعم أنها هي التي بغضت إلى الطلبة أكثر كتب الأدب التي وزعت عليهم، وصرفتهم عن الاستفادة منها.
هذا، ومن قرأ كتاب أحمد بن يوسف يعلم - ولعل وزارة المعارف تعلم أيضاً - أن الكتاب مجموعة من القصص القصيرة، في عبارة قريبة واضحة ليس فيها من غريب اللغة إلا القليل، ورب غريب فيها يبين عنه سياق الحكاية، فلا معنى لإرهاق نظر الطالب والتهويل عليه بالشروح المستفيضة التي تخوفه أو تثقل عليه. ورب شرح قصير موجز واضح يكون أعظم بركة على القارئ من تعالم غليظ ثقيل وتقعر.
وعندنا أن الأسلوب الذي جرت عليه وزارة المعارف في شرح كتبها أسلوب غير منتج إلا أسوأ النتائج، لأنه يصرف الطالب عن الاستمتاع بالنص، وعن التقليب له والنظر فيه، وعن الترديد لطلب المعنى بالجهد القليل، وتجعله حائراً بين الكلام الذي يقرأ وبين الشرح الطويل الممل الذي تتدلى حواشيه على كل كلمة أو حرف من عبارة قصيرة قريبة المعنى دانية البيان، وأن هذه الطريقة المضحكة هي التي تجعل الطالب لا يهتم كثيراً بالإصغاء إلى أستاذه اعتماداً على ما يتوهمه في الشرح الطويل العريض من الإبانة الصحيحة عن المعنى، فإذا فعل ذلك، ثم رجع إلى كتابه وقرأ شرح الشراح وأصحاب الحواشي لم يفهم، وربما أضله هذا الشرح عن بعض الصحيح من الفهم الذي فهمه قبل قراءة الشرح. وأنا لا أقول هذا عن رجم وتظنٍّ، بل أقوله وقد وقفت عليه من ملاحظتي لأكثر من عشرين طالباً من أبنائنا الذين كتب عليهم أن يتعلموا العربية في وزارة المعارف. ولست أشك أن أكثر أساتذة العربية في المدارس الأميرية، لو أتيح لهم أن يتكلموا لأظهروا هذه العيوب كلها لما يقاسونه مع الطلبة في دراسة النصوص العربية التي شرحتها وزارة المعارف.
ومع كل ذلك، فأنا أوافق وزارة المعارف، على أن كتابي فيه نقص في الشرح! فهل يعيبه هذا؟ إنما العيب أن يطول الشرح ويكثر، وتلج لجاجته، ثم يكون هذا الشرح تضرباً في