إن عمل وزارة المعارف ليس إلا الإشراف على التعليم، وكل أمر أو نهي يصدر منها يجب اتباعه على المدارس الأميرية والحرة ونظارها وأساتذتها وطلبتها، هذا ما نعلمه - وأظن وزارة المعارف تعلمه أيضاً -، وليس من عمل وزارة المعارف فيما نعلمه - وأظن هذه الوزارة تعلمه أيضاً - أن تكون حكما قاضياً على ما يصدر من الكتب غير مرسوم برسمها واسمها، وإن كانت هذه الكتب مما قررته الوزارة لمدارسها. وما دمتُ لم أُشر بحرفٍ واحدٍ في كتابي إلى أني قد نشرته لطلبة السنة التوجيهية بالمدارس الأميرية والحرة، فليس من حق وزارة المعارف أن تتعرض للحكم عليه أو الطعن فيه على الأصح.
ومع ذلك فأنا وأنت نعلم - ووزارة المعارف تعلم أيضاً - أن حكمها على الكتاب قد صدر، وأن هذا الحكم ليس نقداً ولا شبيهاً بالنقد، وإنما هو طعنٌ وتجريحٌ وطغيانٌ كلاميُّ مُؤذٍ كان يجب على هذه الوزارة أن تترفع عنه.
ومع ذلك كله، فالوزارة تقول إن هذه الطبعة التي نشرتها المكتبة التجارية الكبرى فيها (فُحْشٌ)، هذا الحرف، بهذا النص، على هذه الصورة، في هذا الوضع! فأنا أتحدّى هذه الوزارة في هذا المكان وأطالبُها باستخراج (الفحش) الذي وقع في طبعتي، أين هو؟ فإذا فعلتْ، فسنرى أيُّ الفُحشين أفحش، أهذا الذي تدعيه وزارة المعارف على كتابي ادّعاءً، أم الذي هو قائمٌ مقررٌ مثبت في الكتب التي قررتها وزارة المعارف وطبعتها وأذاعتها، وأمرت مدارسها بدراستها أعواماً طِوالاً؟
وتقول وزارة المعارف إن في طبعتي (تحريف)؛ هذا الحرف، بهذا النص، على هذه الصورة، في هذا الوضع! فأنا أتحدَّى هذه الوزارة أيضاً في هذا المكان، وأطالبها باستخراج هذا (التحريف)، ليعلم من لم يكن يعلم أيُّ التحريفين أقبح، ما أقع أنا فيه، أم ما وقعتْ فيه هي في الكتب التي صححتها وشرحتها وأذاعتها وقررت دراستها أعواماً طوالاً؟
ومع ذلك كله، فأنا أقرر في هذا المكان أن (الفحش)! هذه واحدة، وأن (التحريف)! وهذه أخرى، ليسا سوى دعوى من الوزارة لا برهان لها عليها البتة، وأن الجرأة والطغيان قد بلغا مبلغاً في هذه النشرة الرسمية، وأن كتب وزارة المعارف قد عرضت لي صفحتها، فإن شئت قضيت وإن شئت أمسكت.