للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البسيطة التي لا تعقيد فيها، ولا اضطراب، والتي لا أثر فيها لانشقاق النفس وانشطارها، والتي هي أثر من آثار توحد النفس: إحساسها، مع إدراكها، مع خلقها، مع تعبيرها. . .

والممثل إذا انجذب إلى دور كان كالأستاذ عزيز عيد وهو مجذوب إلى دور مجنون ليلى. . .

كل الممثلين، وكل النقاد، وكل الناس كانوا يسخرون منه، وعلى الخصوص بعد أن شاهدوا المجنون من الأستاذ أحمد علام الممثل المتعشق المتأنق اللبق، فلم يجدوا مطلقاً ما يبرر ظهور عزيز عيد في هذا الدور الذي قال الناس جميعاً إنه لا يصلح له لا بجسمه ولا بنفسه. . . وليس الأستاذ عزيز عيد بالرجل الذاهب العقل، ولكن عقله ذهب إلى هذا الدور، واستهان بعلام فيه، كما استهان بحسين رياض فيه، وهو لم يستهن بهما على تمكنهما المعترف به إلا لأنه كان يرى للمجنون صورة أبعد نحو الحق من الصورة التي رأياها هما. . . هي صورة لما رأيتها منه أبصرت فيها من المسيح ملامح. وقد ظل عزيز عيد يخاصم أهل الفن جميعاً في سبيل هذا الدور حتى تعب هو نفسه منه لأنه اقتنع في آخر الأمر بأن مادة بدنه تقعد عن تحقيق الصورة الخيالية اللطيفة التي يتصورها، وأنه لن يستطيع أن ينقل من هذه الصورة إلى أذهان الناس حتى ولا التظليل الباهت الغامض، وأنه محتاج إلى جمهور من الملائكة أو الجن يستشفون روحه من وراء مادة بدنه. . .

عافاه الله من ممثل عاشق لفنه، صادق في عشقه، مجذوب.

عزيز أحمد فهمي

<<  <  ج:
ص:  >  >>