للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تصويب وتعليق

ترجم الأستاذ النشار في العدد الماضي من الرسالة أبياتاً نظمها (لورد دنساني) أثناء مروره بمصر جاء في مطلعها:

(أيها الملوك الأربعة الجالسون في ساحة أبي سنبل متجهين نحو مشرق الشمس، لقد رأيتم الإنسان يطير).

ولقد قرأت هذه الترجمة فسحرني خيال الشاعر المحلق وتعبيره الجميل، واستمتعت بلحظات نشوى حوم فيها خيالي على تلك الربوع الجميلة الساحرة من بلاد النوبة التي قضيت خلالها أربعة أعوام كانت ربيع العمر وفجر أحلامه. ثم حلق خيالي في أطباق الزمن إذ تمر مواكب القرون مطأطئة الرءوس أمام ذلك الأثر الخالد في أعماق الجنوب. . .

ولكني أفقت من هذه السبحات الجميلة على هتاف ينبعث من ثنايا الذاكرة أفسد عليّ ما أنا فيه من متعة بجلال الفكرة وجمال الأسلوب! فليس ثمة أربعة ملوك يجلسون في ساحة أبي سنبل، ولكنها أربعة تماثيل لملك واحد هو رمسيس الأكبر استقرت على واجهة معبده العظيم الذي أقامه هنالك تخليداً لذكرى انتصاره على الحثيين. . .

يا لله! لأحببت والله أن تتغير معالم التاريخ فتصير هذه التماثيل الأربعة لملوك أربعة لا لملك واحد، ليظل هذا التعبير الجميل الرائع في قصيدة لورد دنساني خالداً خلود هذه الآثار!

فإن في مخاطبة هؤلاء الملوك الأربعة وإشهادهم على ما وصل إليه الإنسان من عظمة مادية ومدنية شامخة، وفي جواب هؤلاء الملوك من معاني الخلود والروحانية والسمو، ما يفتح أمام الفكر عوالم من التأمل العميق والافتتان البالغ، لا يكشف عنها التعبير التاريخي عن حقيقة هذه التماثيل فلنسجل هذا التصويب للحقيقة والتاريخ، ولنستمتع بما في أبيات لورد دنساني من أدب رفيع.

(حلوان)

محمد كامل حتة

<<  <  ج:
ص:  >  >>