الأم: لك تحيتي واحترامي يا أبت. إننا في طريقنا إلى الدار
سانياسي: وكم شخصاً أنتم؟
الأم: زوجي وأمه وطفلتان أخريان غير هاتين
سانياسي: وكيف تقضون أيامكم؟
الأم: صعب علي أن أعرف كيف تمضي الأيام. أما رَجلي فيخرج إلى الحقل، وأما أنا فأنصرف إلى منزلي أدبر شؤونه؛ فإذا أقبل المساء جلست مع كبريات بناتي للغزل (مخاطبة الطفلتين) اذهبا فحييا الزاهد. باركهما يا أبت
(يخرجن)
(يجيء رجلان)
الأول: أرجع من هنا يا صديقي ولا تعد أبداً
الثاني: نعم، أدري، فالأصدقاء إنما يجمعهم الاتفاق، والاتفاق هو الذي يحملنا إلى بعض الطريق معاً ثم تحين اللحظة التي يتحتم فيها الفراق
الصديق الآخر: ولكن لنحمل أمل الاجتماع بعد الفراق
الصديق الأول: إنما يعود اجتماع الشمل وتشتته إلى سير العالم كله، ولن ترعانا النجوم رعاية خاصة بنا!
الصديق الثاني: فلتحي النجوم التي جمعتنا إذا سواء، فإن ذلك لو كان للحظة واحدة فهو خير كبير
الصديق الأول: تريث للحظة قبل أن تذهب. هل تستطيع أن ترى لمعان الماء القليل في الظلماء، وأن ترى أشجار (الجزورين) على الضفة الرملية من النهر؟ لكأن قريتنا كومة من الظِّلال القاتمة السود. إنك لا تتبين منها غير الأنوار فهل تستطيع أن تقول أي هذه ضوؤنا؟
الصديق الثاني: نعم احسبني أستطيع
الصديق الأول: إن ذلك النور هو نظرة التوديع التي تلقي بها أيامنا الخالية على ضيوفها الراحلين، ثم إذا أوغلت قليلاً فهنالك تجثم الظلماء