يراد منا أن نخدم الأدب بأمانة وصدق، ثم يراد منا في الوقت نفسه أن نكون متجمَّلين متلطفين، فأين من يدلنا على أساليب التجمل والتلطف في الأخذ بنواصي الناهبين لأفكار الكتاب، وآراء الشعراء؟
النقد الأدبي محنةٌ عاتية، فلنحتمل بلاياها صابرين
زكي مبارك
حول كتاب (المنتخبات)
أخي محرر الرسالة الغراء
سلاماً وتحية وبعد فقد قرأت الكلمة الطيبة التي خَصَّني بها الأستاذ الدكتور زكي مبارك في الرسالة عند ما عرض للكلام في كتاب المنتخبات لأستاذنا الكبير أحمد لطفي السيد باشا والله يعلم أني لموقن بأني لم أنتج شيئاً له من القيمة ما يستحق ذلك الثناء. ولكن الدكتور أبى إلاَّ أن يكون أسبق بالفضل.
أما مأخذه على كلمة (أهل) بمعنى: والتي يستعمل الكتاب كلمة (جيل) لتقابلها فأظن أني على حق في استعمالها في هذا المعنى. فإن (الجيل) في العربية هو: الصِّنف من الناس؟ فالمصريون جيل والإنجليز جيل والفرنسيون جيل؛ أما الأهل فيقصد به الطبقة الواحدة المتعاصرة من الناس. وشاهدنا على ذلك شعر النابغة الجعدي قال:
ثَلاثة أهْلِين أفنيتُهمْ ... وكان الإله هو المُسْتآسا
(أنظر الأغاني ص٦ ج٥ طبعة دار الكتب)
وأنشد (أي النابغة الجعدي) عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أبياته التي يقول فيها: ثلاثة أهلين أفنيتهم؛ فقال له عمر: كم لَبِثتَ مع كل أهْلٍ: قال سِتِّين سنة. (أنظر الأغاني ص٧ ج٥)
فالأهل إذن هو المعنى الحرفي لكلمة: وكفى بما نقلت شاهداً - ومن العجيب أن هذا المعنى لم يثبت لكلمة (أهل) في القاموس واللسان، فعسى أن يُلتفت إليه في المعجم الوسيط