للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقد فتن هؤلاء الطلبة بآرائه فيما يحفلون بحملات رجال الدين عليه. وسئل عن نية الإقامة فقال: نعم، سأقيم في هذه البلاد وأنشئ فيها أبنائي على النشأة الحرة التي أرتضيها!

ورحل إلى الولايات المتحدة خلال هذه الحرب كاتب آخر من كتاب الإنجليز وأصحاب المذاهب الإصلاحية في العصر الحديث هو: هـ. ج. ولز الذي يعارض أفلاطون باختراع المدن الفاضلة على النمط العصري، ويغتنم فرصة الحرب الحاضرة للتبشير بالمستقبل المأمول، وهو على شك في إمكان الوصول إليه، لأنه يريد أن يخلع جذور التفكير الإنساني التي لا تزال متأصلة في العقول من بقايا العقائد الأولى، والتي تغري بالحرب، لأن أشرفها وأعظمها يلاقي أضعفها وأخبثها في تقديس الموت وتفضيله على الحياة.

وكان ولز في الحرب الماضية (دماغ) الدعوة البريطانية التي كتب لها النجاح على يديه. وظن أناس من عارفيه أنه سيعود في الحرب الحاضرة إلى مثل ذلك العمل الجليل؛ ولكنه فضل السفر إلى الولايات المتحدة لخدمة أمته ومذهبه الإصلاحي هناك، وكانت له حملة عنيفة على بعض القواد الإنجليز وعلى الأسلوب الذي اتبعوه في ميادين الغرب والشمال، وربما كان لهذه الحملة أثرها في تنظيم القيادة على نحو جديد. فلما سمح له بالسفر إلى الولايات المتحدة خشي بعض الساسة أن ينطلق بالنقد العنيف بين الأمريكيين فلاموا الحكومة الإنجليزية على الترخيص له في مغادرة البلاد. وقال وكيل الشؤون الداخلية يومئذ بمجلس النواب إنهم قصدوا بالسماح له ألا يحسب الأمريكيون أنهم يكتمون عنهم بعض الآراء ويقصرون الدعوة بينهم على ناحية واحدة دون سائر الأنحاء.

وأبطل الكاتب الكبير مخاوف المتخوفين بمسلكه الذي توخاه في نشر دعوته بين الأمريكيين، فكان أول ما قاله بينهم أنه لم يلجأ إلى مخبأ قط، وأن الذي تخيلوا الإنجليز فزعين ليل نهار لا يريمون المخابئ مخطئون. ولم يطلب إلى الأمريكيين أن يشتركوا في الحرب، ولكنه نادى بكبح الطغيان تمهيداً لكل إصلاح، ونادى إلى جانب ذلك بضرورة إدخال الروسيين في جملة النظام العالمي الذي تسفر عنه الحرب الحاضرة أيا كان هذا النظام.

ولا بد أن يسأل السائلون: وما شأن برنارد شو؟ وماذا يصنع الآن وماذا يقول؟

والجواب أنه لا يريح ولا يراح

<<  <  ج:
ص:  >  >>