ومن المؤكد أن المتسابقين لن يُسألوا عن ذلك التمهيد، لأن المقرر هو النسخة العربية، ولأنه بعيدٌ عن بعض أعضاء لجنة الامتحان، فلن يكونوا جميعاً من قراء لغة هوجو ولامرتين
أصحاب الرقيم
خصَّص الأستاذ توفيق الحكيم صفحة من كتابه لآية قرآنية شريفة منتزعة من سورة الكهف، فكان معنى ذلك أنه اعتمد على تلك السورة في زَخرفة ذلك التاريخ، والتاريخ المزخرف هو ما يسميه الفرنسيون وكان معنى ذلك أيضاً أنه يجب على توفيق الحكيم أن ينظر في القرآن وتفاسير القرآن قبل أن يزخرِف ذلك التاريخ، فماذا صنع؟
قال الله تعالى في أصحاب الكهف والرقيم:
(سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم، ويقولون خمسة سادسهم كلبهم، رجماً بالغيب، ويقولون سبعةٌ وثامنهم كلبهم)
وبمراجعة التفاسير نعرف أن أصحاب القول الأول هم اليهود، وأصحاب القول الثاني هم النصارى، وأصحاب القول الثالث هم المسلمون
وبمراجعة المسرحية (التوفيقية) نرى المؤلف اختار قول اليهود فجعل أصحاب الكهف ثلاثة رابعهم كلبهم؛ وبمراجعة (حمار الحكيم) نرى المؤلف يتخاذل ويتهافت حين يسمع الحفيف (المعبود) لأوراق (البنكنوت) فهل يمكن القول بأن هذا المؤلف (المسلم) له أجداد تنسَّموا أرواح الأصائل والأسحار في أرض الميعاد؟
ما يهمني أن أحقق نسب توفيق الحكيم في هذا الحديث، وهو إن سمحت الدعابة نسبٌ مدخول، وإنما يهمني النص على إساءته لفنه حين اختار قول اليهود
أصحاب الكهف في الرواية اليهودية ثلاثة، وهم في الرواية الإسلامية ثمانية، فأيُّ الروايتين أنفع للفنان؟
لو فكَّر توفيق لأدرك أن المجتمع الذي يكوَّن من ثلاثة أضيق من المجتمع الذي يكوَّن من ثمانية، لأن المجتمع الأول لم يصور غير ثلاث أواصر: آصرة الأسرة، وآصرة الحب، وآصرة المال البسيط الذي يحرص عليه راعي الغنم في حاله الرقيق
ولو أن أصحاب الكهف كانوا ثمانية - كما تريد الرواية الإسلامية - لاتسع المجال أمام