هو أديب موهوب تناغيه الحياة من حين إلى حين. هو أمشاج من الوجد المقهور والحب الدفين. هو قيثارة رنانة لأحلام الشباب والكهول، وإن كانت قيثارة لا تعرف أصول الأنغام، لأنه كاتب بلا أسلوب، ولو كان توفيق من أصحاب الأساليب لأدّى للفكر والبيان خدمات تعزّ على من رامها وتطول
كم تمنيت وتمنيت أن يكون توفيق الحكيم من كتاب اللغة العربية!
لو كان هذا الرجل كاتباً لأتى بالأعاجيب، لأنه قوي الملاحظة وقوي الإحساس إلى أبعد الحدود، ولكن التعبير يعوزه في أدق الشؤون، والتعابير القوية لم تكون ولن تكون إلا شاهداً على عظمة الفكرة وقوة الروح
عيب توفيق الحكيم أنه نشأ مدلَّلاً بين كتاب هذا الجيل، فلم يتذوق صيال الأحقاد والأهواء والأباطيل
ألم يشهد على نفسه في مجلة الرسالة بأنه مَدين لكاتب لم يعرف قدره في جميع الأحايين؟ ومن ذلك الكاتب يا توفيق؟
حظك بيديك، يا ابن آدم، فاعرف نفسك بنفسك، ولا تعتمد على غير واجب الوجود
ثم أما بعد فقد قضى توفيق عشر دقائق وهو ينمِّق العبارة التي يهدي بها إلىَّ (أهل الكهف) فأتت: (إلى الدكتور زكي مبارك إعجاباً بدراساته الصريحة ونقده الحر للأدب الحديث)
فكيف ترى مقامي منك، يا توفيق؟
هل هديتك؟ هل أضللتُك؟
تلك كلمة الحق فيك، فغيِّر ما بنفسك لألقاك وأنت أديبٌ صوّال الفكر، جوَّال البيان