للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

البعوث لتكمل بما ليس عند هؤلاء الأشياخ من فهم ومن ثقافة ومن تفكير؟. . .

وهل يرى الأزهريون أن هذه البيئة العلمية الجديدة لها (معسكر خاص يتميز بنشاط خاص وبأسلوب خاص، ويقصد في دراساته وفي إنتاجه وفي توجيهه التعليمي مقصداً خاصاً يقوم على حرية البحث وقداسة الفكر والشجاعة في مواجهة ما يلقون من عنت (المعسكر الآخر) القديم؟. . .

وهل يرى الأزهريون أن هذه البيئة العلمية الجديدة قد اجتذبت حولها مدرسة خاصة من تلاميذها ومن مشايعيها تكثّر بهم جيش الحرية والتجديد في الأزهر وتحصن به نفسها وقوتها من جيوش الرجعية فيه؟. . . وهي جيوش لها هجمات، ولها هبوب بعد كل سكون

نحن نسأل ولا نحكم. ولو أننا لا نرى دليلاً على أن البعوث الأزهرية (بعثة الشيخ محمد عبده ومن عاد من بعثة فؤاد الأول) قد أقامت في الأزهر مدرسة للتجديد خاصة ولا نهجت فيه منهجاً دراسياً ولا تأليفا خاصاً ولا لمَّت حولها معسكراً جديداً يرفع معها وبعدها شعلة النور في الأزهر، ولم يبد من آثار رجالها وإنتاجهم ما يدل على تميزهم على أشياخهم، وقد ذهبوا ودرسوا في جامعات أوربا لتكمل ثقافتهم بما ليس عند هؤلاء الأشياخ

نحن لا نرى دليلاً ولا شبه دليل على وجود شيء مما ذكرناه نحن عند ذلك أمام واحد من فرضين: أن تكون هذه البعوث لم تفد شيئاً مما درست في جامعات أوربا ولم ترتفع بتفكيرها عن أشياخها وعن زملاء أعضائها الذين لم يبعثوا ولم يدرسوا

وهذا فرض بعيد يوشك أن يكون ممتنعاً لما رأينا ونرى من تبريز هذه البعوث في دراساتها الجامعية وفي درجاتها العلمية التي نالت بها في أوربا وفي البحوث التي نالت بها ما نالت من الدرجات. . .

أو أن تكون هذه البعوث العلمية قد أفادت من دراساتها الأوربية عقلية جديدة حرة وتفكيراً جديداً حرَّا ومنهجاً في البحث جديداً حراً. وهذا ما نراه ونعتقد به

وعند ذلك لنا أن نسأل: لماذا إذن كانت هذه العقلية الجديدة الحرة عقيما، وكان هذا التفكير الجديد الحر متوارياً، وكان هذا المنهج الجديد الحر مهجوراً من هذه البعوث في دراساتها وإنتاجها وأثرها في نفوس طلابها. . .؟

لماذا لا يفيد أعضاء هذه البعوث بما أفادوا ولا يعلمون ما تعلَّموا. . .؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>