فإذا جاء بعده الشيخ أحمد مصلح في أواسط القرن الثالث عشر الهجري، يحاول أن يترجم لعلماء عصره كما ترجم الجبرتيُّ قبله، أتى بشيء تافه يدل على مقدار ما وصل إليه الأزهر من ضعف في الثقافة قبل نهضته الأخيرة، فيقول بعد حمد الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: وبعد فهذه صورة قائمة أذكر فيها العلماء المستعدين الذين هم موجودون بمصر في القرن الثالث عشر في عام تسع وخمسين سنة، وذلك لما شاع أن مصر لم تزل من قديم الزمان مشهورة بالعلماء والفضلاء الذين هم ذو فطنة وعرفان
ثم يذكر أن الذي دعاه إلى ذلك أن بعضهم قد قال بمقتضى وفور عقله: إن هذا الوقت لا يوجد فيه علماء مثل الذين أدركتهم من المتقدمين، وإنه لا يرى إلا الصم البكم من الجاهلين الجامدين، إلى أن قال: فحملتني حَمِيَّة الحرية على أن أذكر أسماء العلماء المعتبرين، ليكون ذلك عبرة للمعتبرين، وتذكره للمتذكرين، ولربما بصرف عنايته إليهم تكثر أفراد هذا النوع، وتشتعل العقول الفاترة بنار الفكرة، وينشب فيهم هذا الوصف الذي يتبعه علو الهمة، التي يتبعها عمار المملكة، وقوتها على من عداها من الممالك.
وتقع رسالة الشيخ أحمد مصلح التي قدم لها هذه المقدمة في تسع صفحات من القطع الصغير، وهي رسالة مخطوطة بخط نسخي لا بأس به، وتوجد بمكتبة الجامع الأزهر بين كتب سليمان أباظة باشا رحمه الله، ورقمها الخاص ٣٩٦ والعام ٦٦٨٨
وهذا مثال مما كتبه الشيخ أحمد مصلح عن أولئك العلماء ليرد على ذلك الطاعن فيهم، وهو عبارة عن القائمة الأولى من علماء الشافعية: