نطمئنك أيها الصديق برغم عدم هذه التهيئة الكافية في بيئة الأزهر العلمية لقبول الأبحاث الجامعية، وبرغم هذه الصعاب التي نلقاها في التوجيه، على أن (بيئتنا العلمية) في نمو، وعلى أن لنا في جمهرة الطلاب وفي كثير من الشبان المدرسين أعوانا مخلصين، وعلى (أن لنا أسلوبا خاصا ونقصد في دراستنا وفي إنتاجنا وفي توجيهنا التعليمي مقصدا خاصا يقوم على حرية البحث، وقداسة الفكر، والشجاعة في مواجهة مانلقى من عنت) ونطمئنكأكثر من هذا على أننا قطعنا في إنتاجنا الجامعي خطوات عديدة. وكل ما نرجوه، حتى يبرز هذا الإنتاج إلى الوجود، هو توفيق الله.
محمد البهي
مدرس علم النفس والفلسفة
بكلية أصول الدين
من ذكريات أوروبا
باريس الصغيرة
للأستاذ أحمد فتحي مرسي
لم يكن من بد أن نكتب عن باريس الصغيرة بعد أن لحق بشقيقتها الكبرى ما لحق من نكد الحياة، وعنت الزمان، ما جعلها تشيع زمان اللهو والغفلة، وتستقبل زمان الجد والحذر والحرص، وبعد أن نالها هي الأخرى أو كاد أن ينالها ما نال أختا لها من قبل فتكاتفت عليها أزمات السياسة، وضائقات الحرب، ونكبات الطبيعة؛ وآن لهذه الوجوه التي لم تتقبض أسرتها إلا من الضحك أن تتقبض يوما من الجد والحزن والتفكير. . . وإذا كانت باريس قد لقيت من أقلام المحبين والمعجبين والمحتفين بها الكثير من كلمات الرثاء والعزاء والذكر، فلا أقل من أن نشيع الشقيقة الصغرى بكلمة أو كلمتين
وباريس الصغيرة، أو باريس شرق أوروبا كما أصطلح على تسميتها عارفو الباريسيين هي مدينة بوخارست حاضرة رومانيا، وليس في هذا الاسم إغراق أو مغالاة، فبين المدينتين تشابه كثير، فأحياء بوخارست الجديدة تشبه أحياء باريس، وحياة اللهو والمجون في بوخارست تعدل حياة اللهو والمجون في باريس أو هي تزيد عليه، ونساء بوخارست