للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أيها الصاخبون الراقصون على الجاز والفاس، خذوني معكم أنا إنسان وحيد غريب في هذه الدنيت. إنسان يريد أن يعيش وأن يعرف الحياة وأن ينطلق بعد حبس طويل. يريد أن يفرح ويقفز ويبتهج كما تفعلون. ثم يلقي جسمه المنهوك في الفراش بعد المرح الطويل فينام وقد حل في قلبه السلام

أيها المؤمنون الخاشعون المرتلون المتوجهون إلى الله في السماء , خذوني معكم.

أنا إنسان يريد أن يهدأ وأن يعيش وأن يهب قلبه الصفاء والنقاء بعد سواد طويل، يريد أن يتوجه إلى أن يتأمل ويصلي، قد انصرفت عنه دنياه ويئس منها، يحبها ويريدها ولكنها لا تريده. قد أشقاه إدبارها ولم تقبل عليه مرة، فهو يريد أن يعلو عليها يأساً منها، وأن يتوجه إلى ربه مثلكم يرتًل ويتأمل ويصلي ويتبتل حتى ينهك جسمه كما أنهك الرقص جسوم الراقصين فينام وقد حل في قلبه السلام

إنه يسير في الطرقات ويركب ما يركب الناس، فيجد الشاب والفتاة والعجوز والصبي كلً قدأمسك لمن يحب قربان حبه، الورود والأزاهير يحملونها يضمونها إلى صدورهم ضمة العشق

ويرى الناس قد أذهلهم الشقاء واستولى عليهم جهد العيش فلا يتحدثون ولا يفكرون إلا فيما

يأكلون ويكتسون، ليس لهم حبيب ولا يريدونه، وليست لهم زهور ولا قرابين ولا يريدونها

أيها العاشقون السعداء يحملون الهدايا، خذوني معكم أنا إنسان وحيد يريد أن يهدي إلى من أحب شيئاّ، يهدي إليه قلبه وحنانه وحبه وحاضره كله ومستقبله كله

بلى. لقد أهدى إلى من أحب هذا كله وفوق هذا كله، ولكن من أحب لم يقبل منه ما أهدى، وطرد الرسول والمرسل وانصرف عنه كما انصرفت عنه دنياه ويئس منه. . . من حبيبه. إنه يحبه ويريده ولكنه لا يريده

قلبه وحنانه وحبه وحاضره كله ومستقبله كله، لا يريده. وفوق هذا كله لا يريده

أيها الحاملون الهدايا والأزاهير إلى عشاقكم ومحبيكم وأزواجكم، خذوني معكم

إني أريد أن أكون واحداّ منكم فأقدم إلى حبيبي خيراّ مما تقدمون. . . مع قلبي وحناني وحبي، فإذا رضي عن هديتي وتقبًل قرباني ملأ قلبي الفرح وشمخ رأسي فوق كل رأس، وأتعبني حمل السعادة فأنام وقد حل في قلبي السلام

<<  <  ج:
ص:  >  >>