وكانت هذه الدول تتنازع مجد العلم والأدب كما تتنازع السلطان وكانت للأدب في النصف الثاني من القرن الرابع محافل: حول ملوك السامانية في بخارى وحول وزراء البويهيين في الري واصفهان وجرجان، وحول شمس المعالي قابوس بن وشمكير في جرجان وطبرستان وحول السلطان محمود الغزنوي في غزنة وأخيه نصر في نيسابور، والمأمونية في خوارزم.
ومما يؤثر من تنافس هذه الدول في العلماء والأدباء أن نوح ابن منصور الساماني كتب إلى الصاحب بن عباد سرا يستدعيه ليستوزره فاعتذر. وأن السلطان محمودا كتب إلى المأمون أمير خوارزم ليرسل إليه ابن سينا والبيروني وأبا سهل المسيحي الفيلسوف وأبا الحسن الخمار الطبيب، وأبا نصر العراق الرياضي، فمنهم من رضى بالمسير إلى محمود ومنهم من فر. وكان إلى جانب الملوك والوزراء رؤساء وبيوت يؤمهم الأدباء ابتغاء الحظوة عندهم
وإذا اتخذ الثعالبي والبيروني مثلاً لأدباء هذا العصر وعلمائه عرفنا توليه الأدباء وجوههم شطر هذه الدول:
الثعالبي أهدى كتابه لطائف المعارف إلى الصاحب بن عباد والمبهج والتمثيل والمحاضرة إلى شمس المعالي قابوس وسحر البلاغة وفقة اللغة إلى الأمير أبي الفضل الميكالي والنهاية في الكتابة ونثر النظم واللطائف، والظرائف إلى مأمون بن مأمون أمير خوارزم: وغرر أخبار ملوك الفرس وسيرهم إلى نصر أخي السلطان محمود، والبيروني أقام في خوارزم عند المأمونية ثم سار إلى شمس المعالي وقدم إليه كتاب الآثار الباقية ثم قصد السلطان محمودا فلزمه وقدم إليه كتابه عن الهند. وقدم كتاب التفهيم في علم النجوم الذي ألفه بالعربية والفارسية إلى سيدة من خوارزم اسمها ريحانة ثم قدم القانون المسعودي في النجوم لمسعود بن محمود وكتابه في المعادن إلى السلطان مودود بن مسعود.
- ٢ -
وقد نفقت سوق الآداب في القرن الرابع ونبغ كثيرون من أعلامه ولا سيما كتاب الرسائل
وحسبنا أن نذكر من الكتاب ابن العميد وابن عباد وأبا إسحاق الصابي، وأبا الخوارزمي