للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شخصاً ما فيسند إليه عملاً ممتازاً من الأعمال الإصلاحية، لا لأنه ممتاز في نفسه، ولا لأنه ناجح في عمله، ولا لأنه لا يوجد في أقرانه من هو خير منه، ولكن لاعتبار آخر، كأن يكون صديقاً مثلاً، أو أن يكون قد تطلع في يوم ما إلى منصب ما فلم ينله، فمن الرأي أن يترضى، ومن الرأي أن يعوض!

وقد يحيط بالمصلح الشريف المخلص أعوان شرفاء مخلصون لا يدفعهم إلا الإخلاص للفكرة الإصلاحية، ولكنه مع ذلك ربما أهمل آراءهم، لا لأنه بحثها فتبين وجه الخطأ فيها، ولا لأنه اقتنع بأن غيرها أولى بالقبول منها، ولا لأن أصحابها مشكوك في إخلاصهم أو في حسن تقديرهم، ولكن لاعتبار آخر لا ينبغي أن ينظر إليه، ولا أن يغلب جانبه، كالميل إلى تمثيل عنصر معين في ناحية من النواحي.

وقد يخضع المصلح لاعتبارات أخرى غير هذه وتلك، يدفعه إليها على الرغم منه قانون تقليدي، أو عرف قائم، فتراه مثلاً لا يسند أعمالاً خاصة إلا إلى طائفة خاصة، لا لأن هذه الطائفة أجدر من غيرها بتولي هذه الأعمال، ولا لأنها أقدر من غيرها على السير بها في طريق النجاح، ولكن لاعتبار آخر قد لا يكون له صلة بهذا الموضوع أصلاً، كاعتبار شرط التوغل في السن مثلاً في حق الأعضاء الذين ينتخبون لعضوية جماعة ما، أو يرشحون لتولي منصب ما وهكذا.

نعرف هذا كله، ونعرف أنه شر ما تصاب به بيئة من البيئات، وأنه داء خطير يصيب الإنتاج العام بالشلل، ويؤدي إلى الخمول والركود، ثم إلى الانحلال والموت!

ونعرف أيضاً أن العامل الذي يجد أن المقاييس التي من حوله ليس أساسها التفكير والعمل والدأب والإنتاج، وإنما أساسها شيء آخر غريب عن هذا كله، وبعيد عن هذا كله، هذا العامل لا يلبث أن يفتر، وأن يضعف، لأن القدرة على الإنتاج وحدها غير كافية، ولكن ينبغي أن يصاحبها التشجيع والإغراء.

فهل يريد الأستاذ الشرقاوي شيئاً من ذلك ويمنعه شيء ما أن يقوله، وأن يكون صريحاً فيه؟

ألا إنه لو علل ما يقوم به من عقم البعوث العلمية بالسياسة التوجيهية لما كان منصفاً، ولما قال صواباً، فإن على رأس الأزهر شيخاً ممتازاً في تفكيره، ممتازاً في شخصيته، بعيد

<<  <  ج:
ص:  >  >>