للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تتوقع أنت مهاجمة العدو لبلدتك أو قريتك إذ أن هذا بعيد الاحتمال

قال بادن باول: (ولما وجدنا أننا سنهاجم في مكفنج أخبرنا حاميتنا عن النقط التي ينبغي الدفاع عنها. وكان عدد رجالنا قريباً من ٧٠٠ ما بين شرطي ومتطوع ومنظم. ثم سلحنا من الأهليين ٣٠٠ وكان بعضهم من رجال الحدود القدماء الذين هم أهل لهذه المهمة. غير أن كثيراً منهم كانوا تجاراً وكهنة وغير ذلك ولم يشاهدوا سلاحاً من قبل ولم يجربوا تعلم الحركات العسكرية أو الرمي. لذا لم يكن يرجى منهم خير في البدء. اجتمع لدينا بعدئذ ألف رجل كلفوا بالدفاع عن المكان الذي يضم ٦٠٠ امرأة (بيضاء) وولد، ٧٠٠٠ من الأهليين وكان محيطه نحو خمسة أميال. أليس من المضحك أن تلقى عدواً يقصد قتلك وأنت لم تتعلم الرمي قط؟)

لقد اضطرب الجيش لهذا الحصار الشديد ولم تعد هناك نفس لم يداخلها الخور إلا صاحب ذلك القلم العظيم الذي عرف الحرب من قبل وبلاها فقد كان على بينة من أمره؛ ومعنى هذا أن لا سبيل أمامه غير الإذعان لمشيئة الظروف فلا بد مما ليس منه بد

اختلى بعد ذلك بزميله اللورد (ادوارد سيسل) لحديث قصير استشاره خلاله فيما يختص بالدفاع وأدلى باقتراحه ذاكراً خطة صديقه (توماس ستون) فوافقه عليها، وقد سره وأحيا الأمل في نفسه أنه قد وجد على الأقل رجلاً خبيراً بالعمل الذي ينتويه والذي عهد به إليه وخفف من غم الجنود وشجنهم، كما أعاد الثقة إلى نفوسهم هذا القوام العسكري المهيب وتلك اليد القابضة أبداً على السيف المتدلي بجانبه كأنه قد استحال قطعة متصلة ببدنه، وهاتان العينان الساكنتان أبداً لا تضطربان ولا تختلجان، وحديثه كلما تكلم عن المخاطر بلهجة المحتقر لها المستخف بها كل الاستخفاف (أرجو أن تحلوني مكاناً حامي الوطيس متأجج النيران) (نعم قد يحاولون الاقتحام ولكني أظن أن لا حاجة بي إلى أن انبه جندياً أن عشرين رجلاً من البواسل أولى العزم - وهو ما أعتقده فيكم جميعاً - قادرون بلا شك على الثبات في الدفاع عن مدينة كهذه إزاء عشرة أمثال أو أقل عشرين من أمثال العدد الذي يتقدم به البويريون لاقتحام مفكنج) (وما أنا إلا جندي مثلكم وما سيقع لكم هو واقع لي. فهل رأيتم أثراً للضعف أو التخاذل عندي، أو لمستم مني ناحية شك في النصر؟) ولما ضربت مدينة مفكنج لأول مرة طير خبر ذلك وعلق عليه قائلاً: (كسر إناء طبخ ومات كلب) ولقد

<<  <  ج:
ص:  >  >>