وماذا يأكل، وكيف يلهو، وفي أي أمكنة يقضي لياليه، وكيف ينحط جسمه وينحط عقله وتفني كرامته حتى يستحيل إلى آله صماء وقد أعجبت هيئة اتحاد العمال الأمريكيين بهذا الكتاب، واتخذت منه وسيلة لمكافحة الفقر والدعاية للطبقة العاملة ومحاربة التعطل، فطبعته على نفقتها ووزعت منه آلاف النسخ بثمن زهيد ليكثر انتشاره بين العمال وصغار الموظفين
ومن الظواهر التي أحدثها هذا الكتاب اهتمام الرئيس رزفلت به واعترافه في جمع من الصحفيين بقيمته ومصارحته لهم بأن توم كرومر هو أول أديب شعبي ظهر في أمريكا وأول قصصي إنساني تحرر من دراسة أخلاق الطبقة الوسطى وأقبل على دراسة حياة العامل والفلاح من الجانب الاجتماعي الاقتصادي الذي يسيطر في هذا العصر كل السيطرة
حول أهل الكهف
إلى أستاذي الدكتور زكي مبارك
قلت يا سيدي في تحليل كتاب (أهل الكهف) إن عندك ثلاثة فروض كان توفيق الحكيم تحت تأثيرها عند كتابته القصة. . . وهي قوة الشهوة، وقوة الحب، وقوة الإيمان
وأنا معك أيها الأستاذ الجليل حين تقول إن الكاتب لم يصور الشهوة العارمة التصوير الذي يجعلها شهوة عارمة
ولكني لا أفهم الغرض الذي يرمي إليه الدكتور حين يقول إن توفيقاً عرض للحب في أدب ولطف كما يصنع العذريون الضعفاء. . . وهل عند الدكتور أن العاشق العذري ضعيف؟ وكيف يجوز هذا؟ وأهل الصبابة العذرية يكابدون في الحب أهوالاً، بل ويقاومون في الحب قوتين: قوة الحب نفسه والدكتور خبير بها عليم، وقوة كبت العواطف الملتهبة بنار الشهوة؟ إن العذريين لم يكونوا ضعفاء وعندهم قوة الصبر وقهر النفس وشهواتها. . .
وأكثر من هذا أن توفيقاً صور الحب تصويراً عاصفاً قوياً في مواضع كثيرة. وما ظنك بمن يقبر ويبعث فتكون أول عاطفة تموج في صدره هي عاطفة الحب. حب مشيلينا لبريسكا. . . ويظهر ذلك في حديثه مع مرنوش في أول فصل وفي حب مرنوش لزوجته وولده، وهو نوع نبيل من الحب جعله في آخر الأمر بعد أن شعر بفقدهما يفضل الموت في الكهف على الحياة بغير قلب!