وأكثر من هذا أيضاً أن قوة الحب في نفسه جعلته يعشق بريسكا الثانية مجردة عن حقيقته الأولى! ويظهر ذلك حين يقول (سيان عندي أن تكون هي أو لا تكون. أحب هذه المرأة التي رأيتها في اليقظة. . .)
هذا من ناحية الحب. . . أما من ناحية الإيمان والارتياب، فأنا أرد على سؤال أستاذي الجليل:(ماذا صنع توفيق في وصف الإيمان، وماذا صنع في تشريح أوضار الارتياب، وأين المعركة التي أثارها بين نسائم الهوى وزوابع الضلال؟)
إن توفيقاً صنع كثيراً في وصف الإيمان. . . بل الإيمان المتجسم الذي يبلغ حد التسليم بكل شيء في شخص يمليخا. . . حين أرى أجرى على لسانه الفرق بين التدوين بالوراثة والتدين عن عقيدة وإقناع؛ وحين يقول: إنه لا يتصور الوجود بدون عقيدة الإيمان ولا انتهاءه بدونه؛ وحين يقول: أنا لا نملك حق السؤال. . . إنما ينبغي لنا أن نعتقد
تلك ناحية الإيمان القوي، أما ناحية الارتياب فتبدو واضحة في حيرة وتهكم مرنوش حين يقول له يمليخا:(إن رحمة الله قريب)؛ فيصرخ:(حقيقة! قرب السماء من الأرض تلك الرحمة التي لا تسعف إلا من يستطيع الانتظار)؛ وحين يقول له يمليخا:(لا تسخر، إن الله حق)؛ فيقول:(لا شأن لله بناها هنا. . . نحن اللذان أوقعنا بنفسينا!)
وحين يقول له يمليخا (كل شيء على الأرض بأمر الله)؛ فيصرخ:(إلا ما نحن فيه، فقد حدث بفعل الإنسان). . . الست ترى أن توفيقاً تعرض هنا لأخطر نواحي الارتياب حين يشك في رحمة الله. . . وحين لا يجعل له يداً في حالته. . . وحين يقول: إن ما يفعله الإنسان لا سلطان لله عليه
إن توفيقاً لم يكتب هذه القصة، ولم يعرض هذه الأفكار - وإن لم تكن جديدة - إلا لغرض في نفسه، وما أقام الإيمان يناقش الارتياب إلا ليعالج إحساساً اضطرب في نفسه من قبل. أنا أشعر بهذا فهل للدكتور العظيم أن يتكرم فيلقي نظرة كاشفة على حقيقته؟