وأخيراً وصل إلى منزله، وهو منزل صغير نظيف، يبعد نصف ساعة عن الفندق؛ وكانت أمه في الفراش، ولكنها غير نائمة، ولم تحس بحركته وهو خارج، لأنه توخى الابتعاد عن غرفتها في أثناء ذهابه إلى الفندق
لكنها الآن أحست بحركته وهو عائد، وسمعت صوت المفتاح وهو يفتح به الباب، ووقع أقدامه وهو يمشي في الممر. وأحست بحركته وهو يتناول الطعام على عجل، ويدخل غرفة نومه فيغلق دونه بابها. وبعد أن امتنعت الأصوات من جهته، اطمأنت الأم وأدركها النعاس. . . ولقد كان يكفي لقتلها غماً أن تخالج نفسها أية ريبة في أن ابنها، وهو سليل أسرة كبيرة، يجرؤ على الإتيان بما يأتي به من الأعمال. ولم يخطرها ببالها كذلك أنه الآن يشعر مشاعر غريبة شاذة لعثوره على صورة هي أهم عنده من الطلاسم التي يقتنيها الغير لجلب الخير ودفع الشر
وبعد يومين كان لانجتون يكتب خطابات متعددة لأناس يعتقد أنهم على اتصال بمرجريت بورلورن، وكتب كذلك إليها يطلب موعداً للقاء
وبالرغم من أنها لم ترد على خطابه، فإنه ذهب إلى المكان المعين في الموعد المضروب؛ وبعد ربع ساعة كانت الفتاة مقبلة نحوه، وكانت تحيط بها من الجلال والفتنة هالة مثل التي كانت بها في أول يوم فيه منذ سنين
وبدأته بالسؤال عن سبب كتابته لها وتعيين الموعد، فقال: إنني ما كنت لأجرؤ على طلب مقابلتك في هذا المكان وفي هذه الساعة لولا أن معي شيئاً أريد أن أقدمه إليك
وكان صوته في مخاطبتها صوت من يعلم سراً؛ وقال لهل بصوت خافت: أكنت لا تطنين سبباً لطلبي إياك غير الرغبة في رؤيتك؟
فقالت وقد احمرت وجنتاها: لست أعرف
قال:(إنني في المرة السالفة أديت لك خدمة ولكنها لا تذكر بالقياس لخدمتي في هذه المرة فإنني دخلت خلسة في مكان لا بد أن تكوني قد زرته في إحدى المرات، ولكنني لم أجدك في هذه المرة ووجدت. . . ماذا عراك حتى تغير لونك)