اللوردية فأجمعوا على جلويل فاغتبط به وأظهر ارتياحه
فبادن باول رجل خليق أن يعلم عنه شيئاً وأن يشغل حيزاً في ذاكرة كل فرد منا ومكانة في نفس كل واحد؛ ولا غرو إذا تقدمنا لقراء الرسالة بسيرة هذا البطل إعجاباً بهذا الطراز الجديد من الرجال وهم الذين لم يشهدوا في عصرنا غير رجال مزيفين من الحواشي. رجال أو أشباه رجال ولا رجال ممن لم يحذقوا غير التخنث والأناقة ولم يبرعوا في غير الخبث والمكر ومضغ الكلام وتزجيج الحواجب! أو بالاختصار رجال من أولئك الذين تلقى بهم المصادفة في طريق العظماء وتأتي بهم الظروف إلى مجالس الأمراء وأهل الخطر والشأو البعيد. وما أوسع المسافة بين أمثال هؤلاء وبين هذا الرجل النبيل العزيز الجانب الذي تعبق منه روائح المعسكر والخيام كما يعبق منه أريج المخدع والصالون! رجل وأي رجل!
من كان يدور بخلده أن صبي فرنسا وصبي استراليا وصبي مصر وصبي أمريكا يتلاقون في مكان واحد: لا يفرقهم جنس ولا تنفرهم ديانة ولا تبعدهم لغة أو سياسة؟ ومن كان يتوهم ولو على سبيل التفكهة أو المداعبة أن ابن مصر الشرقي الناطق بالضاد تأخذه العصبية الكشفية فينهض إلى منافسة ابن التاميز الغربي في اعتناق مذهب التربية الحديث
إنها آية للكشف وإنها معجزة بادن باول أن يأتلف الشباب حول المبادئ الكشفية، وإن شئت فقل إنها مبادئ الشباب الحديث الذي يريد أن يرث الأرض جميعاً لا فرق عنده بين وطن وغربة
إن شئت فقل عنها إنها آداب المعاشرة وآداب المؤاكلة وآداب العائلة وآداب الإنسانية وآداب المجتمع الراقي وآداب الحياة الصحيحة الخالية من شوائب السعادة. فما أعذبها مبادئ لو أن السياسة تتركها وشأنها في الدنيا دون أن تعكر لها صفو أو تكدر لها مجتمعاً
إنما هي في الواقع توحيد لنظم التربية وعامل قوي لإزالة الفوارق، لكن أنى للكشف وغير الكشف أن يزيل الفوارق وفي الدنيا من جنود الشيطان أضعاف أضعاف بني الإنسان
رحمك الله يا جبار الكشف وأنعم بك من مرب حطم القيود وزحزح العقبات من طريق مبادئه الصحيحة!
هاهي ذي الفقرة الأخيرة من رسالته التي أذاعها لأبنائه كشافي العالم من روديسيا: (لقد