وتتسع، ورقعة إمبراطوريتهم تعظم وتترامى؟ ألم يكن رداء عمر (مرقعة) ذهب أصلها وبقيت رقعها وجيوش المسلمين تهد إمبراطورية الروم؟ ألم يرسم محمد صلى الله عليه وسلم للقادة والزعماء وأصحاب الرسالات والمبادئ والعقائد دستوراً جليلاً حكيما حين قال:(طوبى لمن أنفق مالاً اكتسبه من غير معصية، وجالس أهل الفقه والحكمة، وخالط أهل الذل والمسكنة. اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً وأدخلني في زمرة المساكين). اتخذ بادن باول لجماعته زيَّا خاصاً خاكي اللون رخيص الثمن بسيط المظهر؛ وشجعهم على عقد الاجتماعات والقيام بالرحلات والمخيمات، وعلمهم الاقتصاد في معيشتهم، وعودهم إلى الأخوة في مأكلهم ومشربهم، والمحبة في معاملاتهم والإخلاص في صداقتهم، ومنعهم عن التدخين وشرب الخمور، وحرم عليهم الفسق والفجور، ليحفظ لهم صحة أجسادهم وقوة أبدانهم وسلامة عقولهم وبارز شخصياتهم ووافر كرامتهم. لم يكن وقت التمرين قاصراً على التربية البدنية، بل تعداها إلى التربية الروحية؛ فأقام المخيمات التدريبية لبث الروح العسكرية فيهم، وألقى المحاضرات التاريخية ليزيدهم تعلقاً بكل ما هو قومي، ومحبة لكل ما هو وطني، وأذكى فيهم شعلة الحماس بالأغاني القومية والأناشيد الوطنية. ويعزي السبب في انتشار الكشافة إلى إيمان بادن باول وعقيدته في صحة ما يدعو إليه. ولا غرو، فإن أصحاب المذاهب والمبادئ الاجتماعية الكبرى التي أثرت في تاريخ العالم وغيرت مجراه لم يتمكنوا من جذب النفوس إلى مبادئها إلا بعد أن ثملوا بخمرتها، وبذلك أمكنهم توليد تلك القوة العظيمة الأثر في النفوس، ألا وهي الإيمان، وهي التي تجعل المرء عبداً لمذاهبه.
وقد تزوج اللورد روبرت بادن باول في أكتوبر سنة ١٩١٣ بمس أوليف ورزق منها ولداً وإبنتين، وانتخب كشافاً أعظم للعالم في أول معسكر دولي أقيم في إنجلترا سنة ١٩٢٠، ولقد أنعم عليه صاحب الجلالة ملك بريطانيا العظمى جورج الخامس عام ١٩٣٠ بلقب لورد جزاء وفاقاً على قام ما به من عمل جليل. وكرمته جامعة ليفربول ومنحته لقب دكتور في القانون ولقد جمع اللورد بادن باول خريجي معهد جلويل بارك المخصص لتدريب معلمي الكشافة على فنونها المختلفة نظرياً وعملياً، وهو قصر فخم وسط ضيعة كبيرة في مقاطعة اسكس بالقرب من لندن وسألهم أن ينتخبوا اسمه الجديد الذي يضاف عادة بعد