للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن العقاد زكاهم بكلمة أو كلمتين. . .

وهذا عبد الحميد الديب لا ريب أنه كان يحب من الأستاذ العقاد كلمة عن شعره وأدبه ينشرها فترفعه من صفوف المغمورين الجياع إلى صفوف البارزين المرتاحين. . .

ولكن الأستاذ العقاد له من شغله ما ينسيه عبد الحميد الديب فلا يذكره إلا وقت ما يراه، ووقت ما يستمع إلى هجائه، ووقت ما يدفع ثمن هذا الهجاء. . . ثم ينساه. . .

لقد ضاقت الحياة النظيفة بعبد الحميد الديب. وانجرف في تيار لا ريب أنه أول من يكرهه ويمقته، ولكن كيف سبيله إلى الحياة النظيفة وهو كلما طرق باب عمل في صحيفة طن الذباب وأزت الصراصير في آذان أصحاب العمل بأن هذا رجل فاسد وأنه كيت وكيت، كأن أولئك الذباب والصراصير من مختلسي حرفة الأدب والشعر لا فساد فيهم ولا كيت ولا كيت، والواقع الذي يعلمه الله أنهم كلهم فساد وكيت وكيت. . .

الذباب والصراصير. . .

أنقذ الله منهم عبد الحميد الديب. . .

وحسن سلامة. . . الملحن الذي انجذب إلى حسن الأنوثة وجمالها فانطبعت في روحه بحركاتها وسكناتها، والذي يلحن كلما ضاق به الحال لبديعة أو ببا لحناً أو لحنين ولا يعود إليهما إلا إذا ضاقت به الحال مرة أخرى. . . والذي كلما لحن لحناً اغتصبته (المونولوجيستات) و (العوالم) ورحن يتاجرن به في الليالي والأفراح ملاقيات ما شاء الله من النجاح والترحيب والأجر الكريم. . . وصاحب الحق الأول في هذا كله مغمور مفلس لا يهتم به أحد ظهر في الميدان ظهوراً قد تنكسف معه أضواء الكثيرين من الكواكب والنجوم. . .

وعلى هذا أيضاً تلوثت سمعة حسن سلامة، فكلما اقترح مقترح على واحد أو واحدة من أصحاب العمل باستغلال مواهب حسن سلامة هيأ الشيطان لحسن عتُلاً ذميما مناعاً للخير معتدياً أثيما يقول إن حسن سلامة مجنون بالنسوان وأنه خطر على الراقصات والمغنيات اللواتي يجمعهن به العمل، وأنه خطف فلانة من مسرح كذا، وفلانة من صالة كذا

والمسكين لا يخطف ولا يغتصب وإنما هو يتزوج ويطلق بحثاً وراء الراحة والعيش المطمئن. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>