للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التعادي والشقاق، فكيف يفوتنا أن نجعل رحبات ذلك القصر ميادين لسباق العواطف في تلك اللحظات؟

أقول هذا وقد شفى الله صدري من خصومات محاها تلاقي الوجوه والقلوب في قصر جلالة الملك، فرجعت وفي صدري أنوار لم أشهد مثلها من قبل، والمكان الطيب كالبلد الطيب لا يثمر غير الخيرات والبركات

أعزّ الله جلالة الملك، وجعل قصره موئل العواطف والأرواح والقلوب، وأدام على أمته نعمة الأنس بنفائس المعاني وكرائم الأغراض

التجني على مصر والشرق

أنا لا أقول بموجب التغاضي عما في مصر والشرق من عيوب، فالدعوة الإصلاحية قد توجب أن نكشف عن مواطن الضعف في مصر والشرق، وإنما أكره أن نتجنى على بلادنا بلا موجب معقول، فذلك يوحي إلى القراء أننا خلقنا متخلفين عن جيش العبقرية والنبوغ.

أكتب هذا وقرأت كلمة الأستاذ (محمود) عن روزفلت هو العبقريّ (الكسيح) ففي رأي هذا الكاتب أن الشلل لو أصاب طفلاً مصريَّا أو شرقياً بمثل ما أصاب روزفلت لكان مصيره أن يكون (تافهاً ساقط النفس خائر العزم مريض القلب) وما لمثل هذا التجني حملتا الأقلام، أيها المربي المفضال.

في مصر والشرق مئات من أصحاب العاهات وصلوا إلى منازل لا تقل في قيمتها الجوهرية عن منزلة روزفلت، إلا أن تكون (رياسة الحكومة) هي المثل الأعلى بين منازل التشريف!

وما خطر الكساح في أرض مثل أمريكا، وقد عرف أهلها أن مرجع الحكم إلى العقل؟

إن كان عندك بقية من الإنصاف، أيها الأستاذ، فوجهها مشكوراً إلى المجاهدين في مصر والشرق، ولا أقصد المجاهدين من أصحاب العاهات، فأولئك رجال أقاموا ألوف البراهين على ما يملكون من قوة العزائم والنفوس، وإنما أقصد المجاهدين من أهل السلامة في الأجسام والحواس، فأولئك أقوام يعانون كساحاً أفظع وأثقل من الكساح الجثماني؛ فالكسيح جسمياً يشعر بأنه مشدود إلى الأرض من وجهة حسّية، أما الكساح الذي يرزأ به الرجل السليم من أخل النبوغ والعبقرية فيُرمى عليه من المجتمع المتخلِّف، المجتمع الذي ينظر

<<  <  ج:
ص:  >  >>