اللغة الفرنسية وعلى ملاءمتها لحاجات الحياة وتطورها، مؤمنة دائماً بأن اللغة كائن حي متصل أوثق الاتصال بكل صور الحياة، يسايرها في نمو ما ينمو وانقراض ما ينقرض وتطور ما يتطور. فالمجمع الفرنسي، ككل من درسوا اللغة ومارسوها، يرى أن اللغة هي صورة الحياة في إدراك الذين يتكلمون هذه اللغة، وأنها لذلك مرآة تقدم هؤلاء القوم أو تأخرهم، نشاطهم أو قعودهم، قدرهم الصحيح لحقائق الحياة أو توهمهم الباطل لهذه الحقائق:
وكيف لإنسان أن يغمط المجهود الذي قام به المجمع وقد أقر أكثر من أربعين قاعدة في اللغة تيسرها وتوسع أقيستها، وتلينها للترجمة عن مستحدثات المعاني، وقد استخرج آلافاً من المصطلحات في علوم الأحياء، والرياضة، والطبيعة، والاقتصاد السياسي، والقانون، وتاريخ القرون الوسطى، والموسيقى، والرسم، والعمارة، وقد أقر طائفة جليلة من المسميات الحديثة في الشئون العامة كأدوات المنازل وأثاثها، وما تتناقله الألسن والأقلام في الأسواق والأندية والصحف، وقد بدأ بوضع المعجمات التي تدعو إليها الحاجة، وقد صحح من الأعلام الجغرافية في مصر وأفريقيا وآسيا عدداً عظيما، وقد نشرت مجلته بحوثاً بلغت صفحاتها نحو ألف وخمسمائة. هذا وما إليه جدير بتقدير الناس جميعاً وثنائهم، وإن وجه إلى بعضه من النقد ما قد يقره المجمع نفسه، وما قد يدعوه إلى أن يعدل عن شيء أقره إلى ما يراه خيراً منه وأدنى إلى تحقيق غايته.
سادتي: لقد كان ما يتصل باللغة من شئون التعليم مما وجه إليه المجمع عناية مذكورة؛ وأنتم تقرءون في المذكرة التي وضعها المجمع بين أيديكم أنه وضع نصب عينيه أخذ الناشئين بصحيح العربية فيما يتدارسون من العلوم والفنون، وأنه قد وجه جل همه من هذه العناية إلى المصطلحات التي تدخل في التعليم الثانوي، وأن بين المعجمات التي يتوفر على وضعها معجماً علمياً صغيراً للتعليم الثانوي في الأقطار العربية، وآخر تثبت فيه طوائف من المواد والألفاظ والصيغ تغني الطالب الثانوي والمثقف الوسيط عن غيره من المعجمات، وأنه في وزارة المعارف بنحو ثلاثة آلاف وخمسمائة مصطلح لإدخالها في كتب التعليم وفي التدريس.
ولم يتم بعد وضع المعجمين اللذين أشرت إليهما ليتسنى إبداء الرأي فيهما. وقد سألت