وزارة المعارف عما وافتها به إدارة المجمع فعلمت أن هذه المصطلحات لما تعرض على رجالها، وأن تجارب الطبع لهذه المصطلحات لا تزال حبيسة في المطبعة الأميرية منذ سنة ١٩٣٩. وقد أرسلت إليّ إدارة المجمع من أيام هذه المصطلحات فعرضتها على الفنيين من رجال الوزارة فأقروا طائفة مما اطلعوا عليه ولم يقروا طائفة أخرى. ثم إنني ألقيت علة هذه المصطلحات نظرة عجلي ألهمتني ما أريد أن أتحدث إليكم اليوم فيه.
جاء في المذكرة التي وضعها المجمع بين أيدينا تمهيداً لهذه الجلسة أن من يترسم آثار المجمع (لا يرتاب في أنه، في تشدده في المحافظة على لغة العرب، وبعث ما لا عهد للجمهرة به من قديمها ومجفوها مما يقع عندها موقع الغرابة أو ما هو أشد من الغرابة في أول الأمر، فإنه من ناحية أخرى لا يفتأ يترخص أعظم الترخيص، وييسر أبلغ التيسير. على أن ترخصه هذا وتيسيره إنما يقعان في حدود اللغة، وما مضى من مذاهب علمائها الأعلام؛ فلا سيادة لعامية، ولا طغيان للعجمة على لغة الكتاب)
هذه الفقرة من مذكرة المجمع قد جلت أمامي كثيراً مما رأيته في المصطلحات التي اطلعت عليها، وفي المسميات التي وضعها المجمع لحاجات الحياة المتداولة. فهو قد آثر أن يبيع من تراث اللغة المهجور ما رآه معادلاً لهذه المسميات والمصطلحات. ولا إخالني مخطئاً في هذا التصوير وقد وضع المجمع منذ سنوات جوائز مختلفة لمن يضعون طوائف من الكلمات العربية الفصيحة للمسميات الحديثة وللمصطلحات العلمية والفنية والأدبية؛ ثم نبه الذين يتقدمون لهذه الجوائز أنه يفضل عند التسمية ما وضعه القدماء من الكلمات الصحيحة ثم هجر وتنوسى، واستعمل بدلاً منه ألفاظ مولدة حديثة، أو عامية، أو أعجمية؛ فإن لم يعثر على شيء من ذلك وضعت الكلمة وضعاً جديداً بطريقة من طرق الوضع القياسية
لست أتردد في الموافقة على هذه الخطة في أمر المصطلحات العلمية كلما وجد اللفظ العربي القديم الذي يؤدي الغرض من هذا المصطلح أداء دقيقاً يقره المتخصصون من العلماء. ولعلي لا أتردد كذلك في الموافقة عليها إذا استعمل لفظ أجنبي للتعبير عن معنى قديم كان العرب يعبرون عنه بلفظ عربي. لكني أقف متردداً، ويطول ترددي، فيما خلا هاتين الصورتين؛ وفيما يوضع من المسميات لحاجات الحياة المتداولة. ولا احسبني دون ذلك تردداً في أمر الألفاظ العامية إذا أمكن تقويمها لتسترد صورتها العربية الصحيحة