لكنا الآن قد اتخذنا له آلات خاصة، ولا شك عندنا في النجاح العاجل فيخرج هذا الصيني من معهدنا بأنف معتدل جميل، يستطيع أن يشق به لنفسه طريقا في الحياة. . أما أنت فخطبك يسير جداً. . . حدق في وجهي!. . إن ميل أنفك عن السمترية لا يتجاوز الخمس درجات. . .
هكذا أخذت تحدثناً هذه المرأة. ولكني كنت راضياً عن أنفي، ولم يكن لي في إصلاحه مأرب. . فسألتها أن تعني بصاحبي، وتبذل له كل ما في دارها العظيمة من وسائل الإصلاح؛ حتى يعود رشيقاً نحيل القوام. فنادت خادماً وسألتها أن تذهب بصديقي إلى المكتب الثاني عشر. فانطلقا وبقيت مكاني، لا أدري ما أفعل. . فقالت اجلس فان صديقك سيعود بعد لحظة.
فأستطيع متى وصلني التقرير عنه أن أخبركما عن مدة العلاج والأجر الذي نتقاضاه. إن معهدنا هذا قد اشتهر أمره حتى بات كعبة القاصدين من أطراف العالم. أما أنتما فلا أشك في أنكما من أهل مصر. فقد أصبحت لكثرة ما رأيت من الوجوه لا يكاد يخفى على أمر أحد. إن علم الجمال العملي قد ارتقى، حتى أصبح لدينا علاج ناجع لكل شائبة تشوب الجسم وتنقص من حسنه. ولدينا أقسام تعني بالقوام، وأخرى بالشعر وبالوجه وبسائر الجوارح والأعضاء. ولدينا قسم جليل الشان همه أن يكسب الكهول من رجال ونساء رونق الصبي ومظهر الشباب، وكم من غانيات قد خرجن من هذا المعهد، وقد لبسن فيه حلل الجمال والدلال. . .
عند ذلك قاطعتها وقلت لها متحمساً: بالله لا تذكري الغانيات، فإنما الغانية هي من تستغني بطبع جمالها عن التطبع، وبحسنها الموهوب عن المجلوب. . .
قالت: ذلك المذهب القديم أيها الصديق. أما غانية اليوم فهي التي تستطيع إنفاق قدر زهيد من المال في هذا المعهد النافع، فتصيح من الغواني الحسان.
قلت: هذا لعمري مذهب أخرق، وخداع تخدعون به الناس.
قالت: لعلكم متى رخص الجمال، وأصبح في متناول النساء جميعاً، أن تتوبوا - معشر الرجال - إلى رشدكم، فلا تعبدوا جمال الجسد تلك العبادة المزرية. ولعلكم أن تفكروا قليلاً في جمال الروح. . .